مقتل أبي الهيجاء بن حمدان
وسدّت المسالك على أبي الهيجاء والقاهر فرجعا إلى الدّار يتسلّلون ، وبقي من خدم المقتدر جماعة بالسّيوف ، فخافهم أبو الهيجاء ، فثبتوا فرجع القهقرى ودخل بيتا. فجاء خماجور (١) ، وشتم أبا الهيجاء الغلمان ، فغضب وخرج كالجمل الهائج وصاح : يال تغلب ، أأقتل بين الحيطان؟ أين الكميت؟
أين الدهماء؟ فرماه خماجور بسهم في ثديه ، ثمّ رماه آخر فأصاب ترقوته. وآخر في فخذه ، فنزع عنه الأسهم ، وقتل وأحدا منهم. وكان مع خماجور ، أسودان فبادرا إلى أبي الهيجاء ، فحزّ أحدهما رأسه (٢).
وأمّا أولئك فإنّهم حملوا المقتدر على أعناقهم من دار مؤنس إلى قصر الخلافة ، فقال : ما فعل أبو الهيجاء؟ فجاءوا برأسه إلى المقتدر ، فقال : من قتله؟ قالوا : لا ندري. فاسترجع وتأسّف عليه. ثمّ سمع ضجّة ، وجاءه خادم يعدو فقال : هذا محمد القاهر قد أخذ. فجيء به فأجلس بين يديه ، فاستدناه وقبّل جبينه ، وقال له : أنت والله لا ذنب بك.
هذا والقاهر يبكي ويقول : الله الله يا أمير المؤمنين في نفسي. فقال : والله لا جرى عليك منّي سوء أبدا. فطب نفسا. (٣)
وطيف برأس نازوك ورأس أبي الهيجاء ببغداد ، ونودي : هذا جزاء من
__________________
(١) في : تكملة الطبري للهمداني ٦١ : «خمارجونة» ، وفي : تجارب الأمم ١ / ١٩٧ : «خمارجويه» وفي العبر ٢ / ١٦٧ : «كماجور».
(٢) تكملة تاريخ الطبري للهمذاني ٦٠ ، ٦١ ، تاريخ سنيّ ملوك الأرض ١٥٦ ، تجارب الأمم ١ / ١٩٦ ـ ١٩٨ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٤٦ ، التنبيه والإشراف ٣٢٧ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٥٨ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٢٠٥ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٨٦ ، دول الإسلام ١ / ١٩١ ، العبر ٢ / ١٦٧ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٧١.
(٣) تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٦١ ، تجارب الأمم ١ / ١٩٨ ، ١٩٩ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، المنتظم ٦ / ٢٢٢ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٨٦ ، ٨٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٧٤ ، دول الإسلام ١ / ١٩١ ، العبر ٢ / ١٦٧ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٦٠ ، مرآة الجنان ٢ / ٢١٧ ، البداية والنهاية ١١ / ١٦٠ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٩٠ ، تاريخ الخلفاء ٣٨٣.