سنة سبع عشرة وثلاثمائة
فتنة خلع المقتدر وخلافة القاهر
قال ثابت بن سنان : في ثامن (١) المحرّم ، خرج مؤنس إلى باب الشّمّاسيّة ومعه سائر الجيش ، وركب نازوك الوالي في جيشه من داره ، وخرج أبو الهيجاء بن حمدان أيضا إلى مؤنس ، فشحن المقتدر داره ومعه هارون بن غريب ، وأحمد بن كيغلغ ، وحاشية. فلمّا كان آخر النّهار انفضّ أكثر من في دار الخلافة من الرّجّالة إلى مؤنس. وراسل مؤنس المقتدر بأنّ الجيش عاتب منكر لما يصرف من الذّهب إلى الحرم والخدم ، وأنّهم يطلبون إخراج الحرم والخدم من دار الخلافة وإبعادهم.
فكتب إليه رقعة بخطّه : «أمتعني الله بك ، ولا أخلاني منك ، ولا أراني فيك سوءا. إنّي تأمّلت الحال فوجدت الأولياء الّذين خرجوا لم يريدوا إلّا صيانة نفسي وإعزاز أمري ، فبارك الله عليهم. فأمّا أنت يا أبا الحسن المظفّر ، لا خلوت منك ، فشيخي وكبيري».
وذكر فصلا طويلا في الخضوع له ، إلى أن قال : «وقبل هذا وبعده فلي في أعناقهم بيعة مؤكّدة ، ومن بايعني فإنّما بايع الله ، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه ، وعهد الله نكث ، ولي عليكم نعم وصنائع ، وآمل أن تعترفوا بها لا تكفروها».
فلمّا وقفوا على الورقة عدلوا إلى مطالبته بإخراج هارون عن بغداد ، فأجابهم إلى ذلك وقلّده الثّغور ، وخرج من يومه (٢).
__________________
(١) في تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٥٨ : «في يوم السبت ثالث المحرّم» ، والمثبت يتفق مع :
تجارب الأمم ١ / ١٨٩.
(٢) تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٥٨ ، ٥٩ ، تجارب الأمم ١ / ١٨٩ ـ ١٩٢.