ببغداد ، ولكن قد قلّت الأموال بالعراق ، وعسكرك يحتاجون إلى الأرزاق ، ومال مصر والشّام كثير. وأرى أن تقيم بالرّقّة ، والأموال تحمل إليك من الجهات ، فاخرج (١).
تفرّغ ابن الفرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدريّ
وعلم مؤنس أنّ هذا من تدبير ابن الفرات ، وكان بينهما عداوة ، فخرج بعد أيّام مستوحشا. فتفرّغ ابن الفرات في نكبة نصر بن الحاجب ، وشفيع المقتدريّ ، وكثّر عليهما عند المقتدر ، فلم يمكّنه منهما ، فقال : إنّ نصرا ضيّع عليك في شأن ابن أبي السّاج خمسة آلاف ألف دينار ، ولو كانت باقية لأرضيت بها الجند. فكان المقتدر يشره إلى المال مرّة ، ويراعى خاطر والدته لمدافعتها عن نصر مرة ، وقالت له : قد أبعد ابن الفرات مؤنسا وهو سيفك ، ويريد أن ينكب حاجبك ليتمكّن منك ، فيجازيك على حسب ما عاملته من إزالة نعمته وهتك حرمه ، فبمن تستعين على ابن الفرات والمحسّن مع ما قد ظهر من شرّهما واستحلالهما الدّماء إن خلعاك؟
واتّفق أنّه وجد في دار المقتدر أعجميّ دخل مع الصّنّاع ، فأخذ وقرّر فلم يقرّ بشيء ، ولم يزد على غيّ دائم ، فصلب وأحرق. فقيل إن ابن الفرات قال لنصر بحضرة المقتدر : ما أحسبك ترضى لنفسك أن يجري في دارك ما جرى في دار أمير المؤمنين وأنت حاجبه ، وما تمّ هذا على أحد من الخلفاء. وكثّر على نصر ، وجرت بينهما منافسة (٢).
ردّ المواريث
وفي شعبان أمر المقتدر بردّ المواريث إلى ما صيّرها المعتضد من توريث ذوي الأرحام (٣).
__________________
(١) تكملة تاريخ الطبري ٤٢ ، تجارب الأمم ١ / ١١٥ ، ١١٦ ، الوزراء للصابي ٥٣ ، الكامل في التاريخ ٨ / ١٤٣ ، البداية والنهاية ١١ / ١٤٨.
(٢) تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٤٢ ، ٤٣ ، تجارب الأمم ١ / ١١٧ ، الوزراء للصابي ٥٥ / ٥٦.
(٣) صلة تاريخ الطبري لعريب ١٠٢ ، تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٤٣ ، الوزراء للصابي ٢٧٠ ، المنتظم ٦ / ١٧٤ ، البداية والنهاية ١١ / ١٤٨ ، تاريخ الخلفاء ٣٨٢.