كثير يخاطب ابن الزبير :
يخبّر من لا قيت أنّك عائد |
|
بل العائد المحبوس في سجن عارم |
ومن يلق هذا الشّيخ بالخيف من منى |
|
من النّاس يعلم أنّه غير ظالم |
سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه |
|
وفكّاك أغلال وقاضي مغارم |
أبى هو لا يشري هدى بضلالة |
|
ولا يتّقي في الله لومة لائم |
فما نعمة الدّنيا بباق لأهله |
|
ولا شدّة البلوى بضربة لازم |
وينسب إليها الحجّاج بن يوسف الثقفي من فحول الرجال ، كان أوّل أمره معلّما لوشاقية سليمان بن نعيم ، وزير عبد الملك بن مروان ، وكان فصيحا شاطرا ، قال عبد الملك لوزيره : إني إذا ترحّلت يتخلّف مني أقوام ، أريد شخصا يمنع الناس عن التخلّف. فاختار الوزير الحجّاج لذلك ، فرأى في بعض الأيّام أن الخليفة قد رحل وتخلّف عنه قوم من أصحاب الوزير ، فأمرهم بالرحيل فامتنعوا وشتموه في أمّه وأخته ، فأخذ الحجّاج النار وأضرمها في رحل الوزير ، فانتهى الخبر إلى عبد الملك فأحضر الحجّاج وقال : لم أحرقت رحل الوزير؟
فقال : لأنّهم خالفوا أمرك! فقال للحجّاج : ما عليك لو فعلت ذلك بغير الحرق؟ فقال الحجّاج : وما عليك لو عوّضته من ذلك ولا يخالف أحد بعد هذا أمرك! فأعجب الخليفة كلامه وما زال يعلو أمره حتى ولي اليمن واليمامة ، ثمّ استعمل على العراق سنة خمس وسبعين. وكان أهل العراق كلّ من جاءهم واليا استخفّوا به وضحكوا منه ، وإذا صعد المنبر رموه بالحصاة ؛ فبعث عبد الملك إليهم الحجّاج ، فلمّا صعد المنبر متلثما وكان قصير القامة ضحكوا منه ، فعرف الحجّاج ذلك فأقبل عليهم وقال :
أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني |
إن أمير المؤمنين نثل كنانته فوجدني أصلبها عودا فرماكم بي ، واني أرى