نهاوند
مدينة بقرب همذان قديمة ؛ قالوا : إنّها من بناء نوح ، عليه السلام ، واللفظ دلّ عليه وأصله نوح اوند أي نوح وضع. بها عجائب. بها موضع يقال له وازوان البلاعة ، به حجر كبير فيه ثقبة فتحها أكبر من شبر ، يفور منها الماء كلّ يوم مرّة ، فيخرج وله صوت عظيم يسقي أراضي كثيرة ، ثمّ يتراجع حتى يدخل ذلك الموضع الذي خرج منه.
وحكى ابن الكلبي أن هذا الحجر مطلسم ، لا يخرج الماء منه إلّا وقت الحاجة ، ويفور حتى يستغنى عنه ؛ قال : وهذا مشهور في تلك الناحية.
وبها صخرة عظيمة في جبلهم ، من غاب له غائب أو أبق له آبق أو مرض له مريض أو سرق منه شيء ، فيأتي تلك الصخرة ويبيت عندها ، فإنّه يرى في نومه حاصل ذلك الأمر من خير وشرّ ؛ قال صاحب تحفة الغرائب : بقرب نهاوند عين في شعب جبل ، من احتاج إلى الماء لسقي الأرض يمشي إليها ، ويدخل الشعب ويقول بصوت رفيع : إني محتاج إلى الماء. ثمّ يمشي نحو زرعه فالماء يمشي نحوه ، فإذا انقضت حاجته يرجع إلى الشعب نحو العين ويقول : قد كفاني الماء.
ويضرب برجله على الأرض فالماء ينقطع ؛ هذا كلام صاحب تحفة الغرائب.
ومن عجائبها ما ذكره ابن الفقيه من أمر قصب الذريرة ، فما دام بنهاوند أو شيء من رساتيقها فهو بمنزلة الخشب لا رائحة له ، فإذا حمل منها وجاوزوا به العقبة التي يقال لها عقبة الركاب فاحت رائحته ، فإن سلكوا به غير تلك العقبة يبقى بحاله لا يصلح إلّا للوقود.
ومن عجائبها طين أسود يوجد على حافات نهر نهاوند. له خواصّ كثيرة : زعم أهل الناحية أن ذلك الطين تخرجه السراطين من جوف النهر وتلقيه ، ولو حفروا جميع جوانب النهر وقراره لم يجدوا شيئا من ذلك الطين.
وحكى مسعر بن مهلهل أن على جبل نهاوند ثورا وسمكة منحوتة من الحجر