ويقال لأهل العراق نبط ؛ قالوا : نبط كان اسم رجل شرير كثرت جناياته في زمن سليمان بن داود ، عليه السلام ، فأمر بحبسه ، فاستغاث منه أهل الحبس إلى سليمان من كثرة سعايته ونميمته ، والقائه الشرّ بين أهل الحبس ، فأمر سليمان ، عليه السلام ، بتقييده وحمله إلى حبس الشياطين ، فاستغاث الشياطين وقالوا : يا نبيّ الله لا تجمع بين الحبس ومقاساة نبط! فرأى سليمان أن يأمره بشغل حتى يقلّ شرّه. وكان في الحبس امرأة مومسة ، قيل لنبط : نريد منك أن تغسل هذا الصوف الأسود وتبيّضه بالغسل ، وأن تروّح هذه المرأة حتى يلتحم فرجها بالترويح. فأمر بذلك ووكل به ، ففعل ذلك مدّة طويلة حتى ضجر ، ثمّ أراد أن يجرّب هل التحمت أم لا ، فباشرها ، فحملت منه وأتت بولد وصار له نسل بأرض العراق ، فلهذا ترى السعاية والنميمة والفجور في النبط كثيرا لأنّها شيمة أبيهم نبط!
وحكي أن عبد الله بن المبارك قيل له : كيف رأيت أهل العراق؟ قال : ما رأيت بها إلّا شرطيّا غضبان!
بها نهر دجلة ، مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن يعرف بحصن ذي القرنين ، وهي هناك ساقية كلّما امتدّ ينضمّ إليها مياه جبال ديار بكر ، ثمّ يمتدّ إلى ميافارقين وإلى حصن كيفا ، ثمّ إلى جزيرة ابن عمر ويحيط بها ثمّ إلى الموصل ثمّ إلى تكريت ، وقبل ذلك ينصبّ إليه الزابان ويعظم بهما ، ثمّ إلى بغداد ثمّ إلى واسط ثمّ البصرة ثمّ إلى عبّادان وينصبّ إلى البحر. وماء دجلة من أعذب المياه وأخفّها وأكثرها نفعا لأن مجراه من مخرجه إلى مصبّه في العمارات ، وفي آخر الصيف يستعملونه كلّه بواسط والبصرة.
وروي عن ابن عبّاس أن الله تعالى أوحى إلى دانيال ، عليه السلام ، أن فجّر لعبادي نهرين ، واجعل مصبّهما البحر ، فقد أمرت الأرض أن تطيعك.
فأخذ خشبة يجرّها في الأرض والماء يتبعه ، فكلّما مرّ بأرض يتيم أو أرملة أو شيخ ناشده الله فيحيد عنها ، فعواقيل دجلة والفرات من ذلك.