الأطراف كلّها.
وحدّثني أبي ، رحمة الله عليه ، انّه ذهب إليه زائرا ، وقدام المشهد مسجد ، قال : فتركت الدابّة مع الغلام ودخلت المسجد أصلّي ، وفرشت مصلّاي في المحراب ، قال : فرفعت رأسي من السجود فرأيت على مصلّاي رمانة كبيرة طرية كأنّها قطعت من شجرها في الحال ، وشجرها لا ينبت بأرض قزوين ونواحيها ، وإنّما يجلب إليها من الري ، وكان الوقت صيفا لا يوجد الرمان في شيء من البلاد أصلا ، قال : فلمّا فرغت من الزيارة خرجت وقلت للغلام : هل دخل المسجد أحد؟ قال : لا. قلت : هل خرج منه أحد؟ قال : لا.
فتعجّبت والرمانة معي حتى وصلت إلى ضيعتنا ، وطروز كان على طريقي والرمانة بعد معي ، فعرضتها على أخي وجمع كانوا هناك ، فتعجّبوا منه فتركتها مع رحلي ومضيت لحاجة وعدت فما رأيتها ، فسألت غلامي عنها فقال : لا علم لي بها! ومرّ على ذلك مدّة حتى كنت في بعض أسفاري وحدي ، فإذا أنا برجل شيخ طويل القامة كثّ اللحية يناديني : يا محمّد! ما صنعت بتلك الرمانة؟فقصدت نحوه لأتبرك به ، فغاب عن عيني ولم أدر أين ذهب ، عليه رحمة الله.
طروز
قرية كبيرة من قرى قزوين ، غنّاء كثيرة المياه والأشجار والبساتين والثمار.
ولطيبها ونزاهتها اتّخذها أتراك العجم مماليك السلاطين مسكنا ، وبنوا بها قصورا وتوالدوا وتناسلوا هناك ، فمن دخلها تحيّر فيها من كثرة خيراتها وفواكهها وثمارها وحسن عمارتها وطيب هوائها وحسن صور أهلها فكأنّ فيها من أولاد الأتراك صورا مليحة ووجوها صبيحة ، فمن دخلها ما أراد الخروج عنها ، وكان الأمر على ذلك إلى ورود التتر.