وحكى الشيخ الصالح محمّد الهمداني قال : رأيت بطبرستان أمرا عجيبا من الأمور ، وهو : شاهدت بطبرستان دودة إذا وطئها من كان حامل ماء صار الماء مرّا ، وأعجب من هذا انّه لو كان خلف الواطىء حمال الماء صار كلّ المياه مرّا ، ولو كانوا مائة ، فترى نساءهم يحملن الماء من النهر في الجرار وقدّامهن واحدة معها مكنسة تكنس الطريق ، والنساء الحاملات للماء يمشين على خطّ واحد كالإبل المقطرة.
وحكى علي بن رزين الطبري ، وكان حكيما فاضلا ، قال : عندنا طائر يسمّونه ككو ، وهو على حجم الفاختة وذنبه ذنب الببغاء ، يظهر أيّام الربيع ، فإذا ظهر نبعه صنف من العصافير موشّاة الريش يخدمه طول نهاره ، يأتي له بالغداء فيزقّه ، فإذا كان آخر النهار وثب على ذلك العصفور وأكله ، وإذا أصبح صاح فجاء آخر فإذا أمسى أكله ، فلا يزال كذلك مدّة أيّام الربيع ، فإذا زال الربيع فقد ذلك النوع واتباعه إلى الربيع القابل.
وينسب إليها أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، صاحب التفسير والتاريخ الطبري والمصنّفات الكثيرة ، وكان كثيرا ما ينشد :
أأقتبس الضّياء من الضّراب |
|
وألتمس الشّراب من الشراب؟ |
أريد من الزّمان النّذل بذلا |
|
وأريا من جنى سلع وصاب! |
أأرجو أن ألاقي لاشتياقي |
|
خيار النّاس في زمن الكلاب؟ |
وينسب إليها أبو الحسن المعروف بالكيا الهراسي. كان عالما فاضلا تالي أبي حامد الغزّالي ، إلّا أن الغزالي أثقب منه ذهنا وأسرع بيانا وأصوب خاطرا.
كان مدرسا بالمدرسة النظاميّة ببغداد ، دخل ديوان الخليفة والقاضي أبو الحسن اللّمغاني كان حاضرا ما قام له ، فشكا إلى الخليفة الناصر لدين الله ، فقال الخليفة : إذا دخل القاضي أنت أيضا لا تقم له! ففعل ذلك ونظم هذين البيتين :