وفوق أربعة منها أربعة أعمدة ، ودونها مياه كثيرة جارية ، قال : ذكر لي أهل تلك البلاد أن أحدا لا يقدر على خوض تلك المياه إلى تلك الأعمدة ، وما خاض أحد إلّا عدم ، وأهل تلك البلاد متّفقون على أنّها عرش بلقيس.
سبأ
مدينة كانت بينها وبين صنعاء ثلاثة أيّام ، بناها سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان ، كانت مدينة حصينة كثيرة الأهل طيّبة الهواء عذبة الماء ، كثيرة الأشجار لذيذة الثمار كثيرة أنواع الحيوان ، وهي التي ذكرها الله تعالى : لقد كان لسبإ في مسكنهم آية ، جنّتان عن يمين وشمال ، كلوا من رزق ربّكم واشكروا له ، بلدة طيّبة وربّ غفور ؛ ما كان يوجد بها ذباب ولا بعوض ولا شيء من الهوام كالحيّة والعقرب ونحوهما.
وقد اجتمعت في ذلك الموضع مياه كثيرة من السيول ، فيمشي بين جبلين ويضيع في الصحارى ، وبين الجبلين مقدار فرسخين ، فلمّا كان زمان بلقيس الملكة بنت بين الجبلين سدّا بالصخر والقار ، وترك الماء العظيم خارج السدّ ، وجعلت في السدّ مثاعب أعلى وأوسط وأسفل ليأخذوا من الماء كلّ ما احتاجوا إليه ، فجفّت داخل السدّ ودام سقيها ، فعمرها الناس وبنوا وغرسوا وزرعوا ، فصارت أحسن بلاد الله تعالى وأكثرها خيرا ، كما قال الله تعالى : جنّتان عن يمين وشمال. وكان أهلها اخوة وبنو عمّ بنو حمير وبنو كهلان ، فبعث الله تعالى إليهم ثلاثة عشر نبيّا فكذّبوهم ، فسلط الله تعالى الجرذ على سدّهم.
منها عمران بن عامر ، وكانت سيادة اليمن لولد حمير ولولد كهلان ، وكان كبيرهم عمران بن عامر ، وكان جوادا عاقلا ، وله ولأقربائه من الحدائق ما لم يكن لأحد من ولد قحطان.
وكانت عندهم كاهنة اسمها طريفة ، قالت لعمران : والظلمة والضياء والأرض والسماء ليقبلنّ إليكم الماء كالبحر إذا طما ، فيدع أرضكم خلاء