الظرف منها ، وزنّاها كانت منّا ، وكلّ حبّة منها كبيضة دجاجة.
وكان في ذلك
الوقت شيخ له خمسمائة سنة ، وله ولد له أربعمائة سنة ، وولد ولد له ثلاثمائة سنة ؛
فذهبنا إلى ابن الابن قلنا : إنّه أقرب إلى الفهم والعقل ، فوجدناه مقيّدا لا يعرف
الخير والشرّ. فقلنا : إذا كان هذا حال ولد الولد فكيف حال الأب والجدّ؟ فذهبنا
إلى صاحب الأربعمائة سنة فوجدناه أقرب إلى الفهم من ولده ، فذهبنا إلى صاحب
الخمسمائة سنة فوجدناه سليم العقل والفهم ، فسألناه عن حال ولد ولده فقال : انّه
كانت له زوجة سيّئة الخلق لا توافقه في شيء أصلا ، فأثر فيه ضيق خلقها ودوام الغمّ
بمقاساتها ، وأمّا ولدي فكانت له زوجة توافقه مرّة وتخالفه أخرى ، فلهذا هو أقرب
فهما منه.
وأمّا أنا فلي
زوجة موافقة في جميع الأمور مساعدة ، فلذلك سلم فهمي وعقلي! فسألناه عن السنبلة
فقال : هذا زرع قوم من الأمم الماضية كانت ملوكهم عادلة ، وعلماؤهم أمناء ،
وأغنياؤهم أسخياء ، وعوامّهم منصفة.
منها القاضي
الحضرمي ، رحمه الله ، لمّا ولي القضاء أتى عليه سنتان لم يتقدّم إليه خصمان ،
فاستعفى الملك وقال : إني آخذ معيشة القضاء ولا خصومة لأحد فالأجرة لا تحلّ لي!
فاستبقاه الملك وقال : لعلّ الحاجة تحدث ، إلى أن تقدّمه خصيمان فقال أحدهما :
اشتريت منه أرضا فظهر فيها كنز قل له حتى يقبضها! وقال الآخر : إني بعت الأرض بما
فيها والكنز له! فقال القاضي : هل لكما من الأولاد؟ قالا : نعم. فزوّج بنت البائع
من ابن المشتري ، وجعل الكنز لولديهما وصالحا على ذلك.
وبها القصر
المشيد الذي ذكره الله في القرآن ، بناه رجل يقال له صدّ ابن عاد وذلك أنّه لمّا
رأى ما نزل بقوم عاد من الريح العقيم ، بنى قصرا لا يكون للريح عليه سلطان من شدّة
إحكامه ، وانتقل إليه هو وأهله ، وكان له من القوّة ما كان ، يأخذ الشجرة بيده
فيقلعها بعروقها من الأرض ، ويأكل من الطعام مأكول عشرين رجلا من قومه ، وكان
مولعا من النساء ، تزوّج بأكثر من سبعمائة