فيه ، ونار هذا البيت لا تطفأ أبدا. ولها خدم يتناوبون في إشعال النار ، يقعد الموسوم مع الخدمة على بعد النار عشرين ذراعا ويغطي فمه وأنفاسه ، ويأخذ بكلبتين من فضّة عودا من الطرفاء نحو الشبر يقلبه في النار. وكلّما همّت النار بالخبوّ يلقي خشبة خشبة ، وهذا البيت من أعظم بيوت النار عند المجوس.
كرمان
ناحية مشهورة ، شرقها مكران وغربها فارس وشمالها خراسان وجنوبها بحر فارس. تنسب إلى كرمان بن فارس بن طهمورث. وهي بلاد واسعة الخيرات وافرة الغلّات من النخل والزرع والمواشي.
وبها ثمرات الصرود والجروم والجوز والنخل. وبها معدن التوتيا ، يحمل منها إلى جميع الدنيا ، بها خشب لا تحرقه النار ولو ترك فيها أيّاما ، ينبت في بعض جبالها ، يأخذه الطرقيّون ويقولون : انّه من الخشب الذي صلب عليه المسيح.
وشجر القطن بكرمان يبقى سنين حتى يصير مثل الأشجار الباسقة ، وكذلك شجر الباذنجان والشاهسفرم. وبها شجر يسمّى كادي ، من شمّه رعف ، ورقه كورق الصبر إن ألقي في النار لا يحترق.
ومن عجائب الدنيا أرض بين كرمان وجاريح إذا احتكّ بعض أحجارها بالبعض يأتي مطر عظيم ، وهذا شيء مشهور عندهم ، حتى ان من اجتاز بها يتنكّب عنها كيلا تحتكّ تلك الحجارة بعضها ببعض فيأتي مطر يهلك الناس والدواب! وبها معدن الزاج الذهبي يحمل من كرمان إلى سائر الآفاق.
وحكى ابن الفقيه أن بعض الملوك غضب على جمع من الفلاسفة ، فنفاهم إلى أرض كرمان لأنّها كانت أرضا يابسة بيضاء ، لا يخرج ماؤها إلّا من خمسين ذراعا. فهندسوا حتى أخرجوا الماء على وجه الأرض وزرعوا عليه وغرسوا فصارت كرمان أحسن بلاد الله ، ذات شجر وزرع. فلمّا عرف