بعضهم بعضا ، فإنّهم في حروبهم يأكلون لحم العدو ، ومن ظفر بعدوّ له أكله.
وأكثرهم عراة لا لباس لهم ، ولا يرى زنجيّ مغموما ، الغمّ لا يدور حولهم والطرب يشملهم كلّهم ؛ قال بعض الحكماء : سبب ذلك اعتدال دم القلب ، وقال آخرون : بل سببه طلوع كوكب سهيل عليهم كلّ ليلة فإنّه يوجب الفرح.
وعجائب بلادهم كثيرة منها كثرة الذهب ، ومن دخل بلادهم يحبّ القتال ، وهواؤهم في غاية اليبوسة ، لا يسلم أحد من الجرب حتى يفارق تلك البلاد.
والزنوج إذا دخلوا بلادنا وآنقهم هذه البلاد استقامت أمزجتهم وسمنوا.
ولهم ملك اسمه اوقليم ، يملك سائر بلاد الزنج في ثلاثمائة ألف رجل. ودوابهم البقر يحاربون عليها بالسرج واللجم ، تمشي مشي الدواب ، ولا خيل لهم ولا بغال ولا إبل ، وليس لهم شريعة يراجعونها ، بل رسوم رسمها ملوكهم وسياسات.
وفي بلادهم الزرافة والفيل كثيرة وحشيّة في الصحارى يصطادها الزنوج.
ولهم عادات عجيبة ، منها أنّ ملوكهم إذا جاروا قتلوهم وحرموا عقبة الملك ، ويقولون : الملك إذا جار لا يصلح أن يكون نائب ملك السموات والأرض.
ومنها أكل العدوّ إذا ظفر به. وقيل : إن عادة بعضهم ليس عادة الكلّ. ومنها اتّخاذ نبيذ من شربها طمس عقله ؛ قيل : إنّها مأخوذة من النارجيل يسقون منها من أرادوا الكيد به. ومنها التحلّي بالحديد مع كثرة الذهب عندهم ، يتّخذون الحليّ من الحديد كما يتّخذ غيرهم من الذهب والفضّة ، يزعمون أن الحديد ينفرّ الشيطان ويشجّع لابسه. ومنها قتالهم على البقر وانّها تمشي كالخيل ، قال المسعودي : رأيت من هذا البقر وانّها حمر العيون يبرك كالإبل بالحمل ويثور بحمله. ومنها اصطيادهم الفيل وتجاراتهم على عظامها ، وذلك لأن الفيل الوحشيّة ببلاد الزنج كثيرة ، والمستأنسة أيضا كذلك ، والزنج لا يستعملونها في الحرب ولا في العمل ، بل ينتفعون بعظامها وجلودها ولحومها ، وذاك أن