أحد الشقّين عن الآخر بل متّصل به كرمّان مشقوق ، ولأهل دمشق في ذلك الحجر أقاويل كثيرة.
وينسب إليها إياس بن معاوية الذي يضرب به المثل في الذكاء. طلب من رجل حقّا عند القاضي ، وهو إذ ذاك يتيم ، فقال له القاضي : اسكت إنّك صبي! فقال : إذا سكتّ من يتكلّم عني؟ فقال القاضي : والله لا تقول حقّا! فقال إياس : لا إله إلّا الله! وحكي أن امرأتين تحاكمتا إليه في كبّة غزل ، فأفرد كلّ واحدة منهما وسألها : على أي شيء كبّبت غزلك؟ فقالت إحداهما : على كسرة خبز! وقالت الأخرى : على طرقة. فنقض الكبّة فإذا هي على كسرة خبز. فسمع بذلك ابن سيرين فقال : ويحه ما أفهمه!
وحكي انّه تحاكم إليه رجلان فقال أحدهما : إني دفعت إليه مالا. فجحد الآخر ، فقال للمدّعي : أين سلّمت هذا المال إليه؟ فقال : عند شجرة في الموضع الفلاني! فقال المدّعى عليه : انا ذلك الموضع ما رأيت قطّ. فقال : انطلقوا بالمدّعي إلى ذلك المكان وابصروا هل فيه شجرة أم لا؟ فلمّا ذهبوا إليه قال بعد زمان للمدّعى عليه : ترى وصلوا إلى ذلك المكان؟ قال : لا ، بعد! فقال له : قم يا عدوّ الله ، إنّك خائن! فقال : أقلني أقالك الله! واعترف به.
دمندان
مدينة كبيرة بكرمان ، قال ابن الفقيه : بها معادن الذهب والفضّة والحديد والنحاس والتوتيا والنوشاذر في جبل شاهق يقال له دنباوند. وفي هذا الجبل كهف عظيم يسمع من داخله دويّ شبه خرير الماء ، ويرتفع منه شبه دخان ويلتصق بحواليه ، فإذا كثف وكثر خرج إليه أهل المدينة يقلعونه ، وهو النوشاذر الجيّد الذي يحمل إلى الآفاق ، وقد وكّل السلطان به قوما حتى إذا جمع كلّه أخذ السلطان خمسه.