جبال من الملح الأبيض والأصفر والأخضر والأحمر والأسود ، ينحت منها الموائد والصحون والغضائر وغيرها من الظروف ، وتهدى إلى سائر البلاد. وبها معدن الزئبق.
دمشق
قصبة بلاد الشام وجنّة الأرض لما فيها من النضارة وحسن العمارة ، ونزاهة الرقعة وسعة البقعة وكثرة المياه والأشجار ورخص الفواكه والثمار. قال أبو بكر الخوارزمي : جنان الدنيا أربع : غوطة دمشق ، وصغد سمرقند ، وشعب بوّان ، وجرّيرة الأبلّة ، وقد رأيت كلّها فأفضلها غوطة دمشق ، وأهل السير يقولون : إن آدم ، عليه السلام ، كان ينزل في موضع بها يقال له الآن بيت الأبيات ، وحوّاء في بيت لهيا ، وهابيل في مقرى وقابيل في قنينة.
وكان في الموضع الذي يعرف الآن بباب الساعات عند الجامع صخرة عظيمة كانت القرابين توضع عليها ، فما قبل نزلت نار أحرقته ، وما لم يقبل بقي على حاله ، وقتل قابيل هابيل على جبل قاسيون ، وهو جبل على باب دمشق.
وهناك حجر عليه مثل أثر الدم يزعم أهل دمشق انّه الحجر الذي رضّ به قابيل رأس هابيل ، وعند الحجر مغارة يقال لها مغارة الدم لذلك.
والمدينة الآن عظيمة حصينة ذات سور وخندق وقهندز ، والعمارات مشبكة من جميع جوانبها ، والبساتين محيطة بالعمارات فراسخ وقلّما ترى بها دارا أو مسجدا أو رباطا أو مدرسة أو خانا إلّا وفيها ماء جار.
ومن عجائبها الجامع وصفه بعض أهل دمشق قال : هو أحد العجائب كامل المحاسن جامع الغرائب ، بسط فرشه بالرّخام وألّف على أحسن تركيب وانتظام. فصوص أقداره متفقة وصنعته مؤتلفة ، وهو منزه عن صور الحيوان إلى صور النبات ، وفنون الأغصان تجنى ثمرتها بالأبصار ، ولا يعتريها حوائج الأشجار. والثمار باقية على طول الزمان مدركة في كلّ حين وأوان ، لا يمسّها