وأمّا المساكن
اليابسة فتسدّد المسام وتورث القشف والنحول ويكون صيفها حارّا وشتاؤها باردا ،
وأدمغة أهلها يابسة لكن قواهم حادّة.
وأمّا المساكن
الحجريّة فهواؤها في الصيف حارّ وفي الشتاء بارد ، وأبدان أهلها صلبة ، وعندهم سوء
الخلق والتكبّر والاستبداد في الأمور ، والشجاعة في الحروب.
وأمّا المساكن
الآجاميّة والبحريّة فهي في حكم المساكن الرطبة وأنزل حالا وقد جرى ذكر المساكن
الرطبة.
الفصل الثاني :
في تأثير البلاد في المعادن والنبات والحيوان.
أمّا المعادن
فالذهب لا يتكوّن إلّا في البراري الرملة والجبال الرخوة ، والفضّة والنحاس والرصاص
والحديد لا يتكوّن إلّا في الأحجار المختلطة بالتراب اللين ، والكبريت لا يتكوّن
إلّا في الأراضي الناريّة ، والزيبق لا يتكوّن إلّا في الأراضي المائية ، والأملاح
لا تنعقد إلّا في الأراضي السبخة ، والشبوب والزاجات لا تتكوّن إلّا في التراب
العفص ، والقار والنفط لا يتكوّن إلّا في الأراضي الدهنة ، أمّا تولّد الأحجار
التي لها خواص فلا يعلم معادنها وسببها إلّا الله تعالى.
وأمّا النبات
فإنّ النخل والموز لا ينبتان إلّا بالبلاد الحارّة ، وكذلك الأترج والنارنج
والرمان والليمون ، وأمّا الجوز واللوز والفستق فلا ينبت إلّا بالبلاد الباردة ،
والقصب على شطوط الأنهار ، وكذا الدلب والمغيلان بالأراضي الصلبة والبراري القفار
، والقرنفل لا ينبت إلّا بجزيرة بأرض الهند ، والنارجيل والفلفل والزنجبيل لا ينبت
إلّا بالهند ، وكذلك الساج والآبنوس والورس لا ينبت إلّا باليمن ، والزعفران بأرض
الجبال بروذراورد ، وقصب الذريرة بأرض نهاوند ، والترنجبين يقع على شوك بخراسان.
وأمّا الحيوان
فإنّ الفيل لا يتولّد إلّا في جزائر البحار الجنوبيّة ، وعمرها بأرض الهند أطول من
عمرها بغير أرض الهند ، وأنيابها لا تعظم مثل ما تعظم بأرضها ، والزرافة لا تتولّد
إلّا بأرض الحبشة ، والجاموس لا يتولّد إلّا بالبلاد