وهو معنى قوله تعالى (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ (١) الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ (٢) كَلامَ اللهِ ، ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) فلذا قبل منهم ما طلبوه من الجوار حتى يسمعوا كلام الله تعالى إذ لو علموا ما رغبوا عن التوحيد إلى الشرك. وقوله تعالى في الآية الثالثة (٧) (كَيْفَ (٣) يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) هذا الاستفهام للنفي مع التعجب أي ليس لهم عهد أبدا وهم كافرون غادرون ، وقوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) هؤلاء بعض بني بكر بن كنانة عاهدهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام صلح الحديبية وهم عند الحرم فهؤلاء لهم عهد وذمة ما استقاموا على عهدهم فلم ينقضوه. فإن استقاموا استقام لهم المسلمون ولم يقتلوهم وفاء بعهدهم وتقوى لله تعالى لأنه تعالى يكره الغدر ويحب المتقين لذلك. وقوله تعالى (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) الاستفهام للتعجب أي كيف يكون للمشركين عهد يفون به لكم وهم إن يظهروا عليكم يغلبوكم في معركة ، (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ) أي لا يراعوا الله تعالى ولا القرابة ولا الذمة بل يقتلوكم قتلا ذريعا ، وقوله تعالى (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) إخبار من الله تعالى عن أولئك المشركين الناكثين للعهد الغادرين بأنهم يحاولون إرضاء المؤمنين بالكذب بأفواههم ، وقلوبهم الكافرة تأبى ذلك الذي يقولون بألسنتهم أي فلا تعتقده ولا تقره ، (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) لا يعرفون الطاعة ولا الالتزام لا بعهد ولا دين ، والجملة فيها تهييج للمسلمين على قتال المشركين ومحاصرتهم وأخذهم تطهيرا لأرض الجزيرة منهم قبل وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب الوفاء بالعهود ما لم ينقضها المعاهدون.
__________________
(١) أحد ، مرفوع بفعل محذوف يفسره ما بعده والتقدير : وإن استجارك أحد من المشركين فأجره.
(٢) الآية دليل على أن ما يسمع من صوت القارىء للقرآن هو كلام الله تعالى فيقول العبد : سمعت كلام الله حقا وصدقا.
(٣) (كَيْفَ يَكُونُ) الخ كيف : للتعجب نحو قولك : كيف يسبقني فلان؟! في الآية إضمار كلمة غدر أي كيف يكون لهم عهد مع إضمارهم الغدر بكم.