ما هم عليه من الفسق والكفر والظلم ففي الآية الأولى (٩٩) يرد تعالى على قول ابن صوريا اليهودي للرسول صلىاللهعليهوسلم ما جئتنا بشيء بقوله : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) كالأعور بن صوريا اليهودي وفي الآية الثانية (١٠٠) ينكر الحق سبحانه وتعالى على اليهود كفرهم ونبذهم للعهود والمواثيق وليسجل عليهم عدم إيمان أكثرهم بقوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). وفي الآية الثالثة (١٠١) ينعى البارىء عزوجل على علماء اليهود نبذهم للتوراة لما رأوا فيها من تقرير نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وإثباتها فقال : (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ) (١) (فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ (٢) كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ الفسق العام ينتج الكفر ، إن العبد إذا فسق (٣) وواصل الفسق عن أوامر الله ورسوله سيؤدي به ذلك إلى أن ينكر ما حرم الله وما أوجب فيكفر لذلك والعياذ بالله.
٢ ـ اليهود لا يلتزمون بوعد ولا يفون بعهد ، فيجب أن لا يوثق في عهودهم أبدا.
٣ ـ التوراة أحد كتب الله عزوجل المنزلة أنزلها على عبده ورسوله موسى بن عمران عليهالسلام.
٤ ـ قبح جريمة من تنكّر للحق بعد معرفته ، ويصبح وكأنه جاهل به.
(وَاتَّبَعُوا (٤) ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ
__________________
(١) قال السدي في تفسير هذه الآية : لما جاءهم محمد صلىاللهعليهوسلم عارضوه بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف ، وسحر هاروت وماروت فلم توافق القرآن. فهذا معنى : (وَلَمَّا جاءَهُمْ ...) الخ.
(٢) الظهور : جمع ظهر ويجمع على ظهران يقال لمن أعرض عن شيء رماه وراء ظهره.
(٣) الفسق : مشتق من فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرتها ، وبه سميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها على أهل الدّار.
(٤) اشتهر بين علماء السلف أن ما تتلوه الشياطين على عهد ملك سليمان كان سببه أن مردة من الشياطين كتبوا كتابا ضمنوه الكثير من ضروب السحر والشعوذة والأباطيل ونسبوه إلى كاتب سليمان وهو آصف ودفنوه تحت كرسي سليمان حين ابتلى بنزع ملكه ولما مات سليمان أخرج الكتاب شياطين الجن بالتعاون مع شياطين الإنس وأعلنوا في الناس أن سليمان كان ساحرا وما غلب الجن والإنس إلّا بالسحر فصدقهم أناس وكذّب آخرون ولما بعث محمد صلىاللهعليهوسلم وكفر به اليهود وتنكروا للتوراة لاتفاقها مع القرآن أنزل الله تعالى قوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) فبرأ سليمان وكفّر اليهود.