عملهم فقال : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) ثم قال لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) أي من اليهود في المدينة يتولون الذين كفروا يعنى من المشركين والمنافقين في مكة والمدينة يصاحبونهم ويوادونهم وينصرونهم وهم يعلمون أنهم كفار تحرم موالاتهم في دينهم وكتابهم ، ثم قبح تعالى عملهم فقال : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) نتيجة ما حملتهم عليه من الشر والكفر والفساد ، وهو سخط الله تعالى عليهم وخلودهم في العذاب من موتهم إلى مالا نهاية له فقال تعالى : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ) (١) سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) لا يخرجون منه أبدا. ثم زاد تعالى تقرير كفرهم وباطلهم وشرهم وفسادهم فقال : (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) كما يجب الإيمان به وبالنبي محمد وبما جاء به من الهدى ودين الحق وما أنزل إليه من القرآن والآيات البينات ما اتخذوا الكفار المشركين والمنافقين أولياء ، ولكن علة ذلك أنهم فاسقون إلا قليلا منهم ، والفاسق عن أمر الله الخارج عن طاعته لا يقف في الفساد عند حد أبدا ، هذا معنى قوله تعالى : (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ (٢) أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٣).
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ حرمة الغلو والابتداع في الدين ، واتباع أهل الأهواء.
٢ ـ العصيان والاعتداء ينتجان لصاحبهما الحرمان والخسران.
٣ ـ حرمة السكوت عن المنكر ووخامة عاقبته على المجتمع.
٤ ـ حرمة موالاة أهل الكفر والشر والفساد
٥ ـ موالاة أهل الكفر بالمودة والنصرة دون المؤمنين آية الكفر وعلامته في صاحبه.
__________________
(١) أنّ : في موضع رفع على الابتداء ، والتقدير : لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم هو سخط الله عليهم.
(٢) في الآية دليل واضح على أنّ من اتخذ الكافر وليّا لا يكون مؤمنا إذ يجرّه ذلك الولاء إلى قول ما يقول وفعل ما يفعل وحتى اعتقاد ما يعتقد وبذلك يكفر مثله وشاهده من الحديث : «من تشبّه بقوم فهو منهم».
(٣) أي : كافرون إذ فسقوا عن دين الله وخرجوا عنه باليهودية الباطلة وخرجوا عن الإسلام بالنفاق فهم كفرة منافقون يهود ملعونون.