مناسبة الآية ومعناها :
لما كانت الآية في سياق دعوة اليهود إلى الاسلام ناسب أن يعلموا أن النّسب لا قيمة لها وانما العبرة بالإيمان الصحيح والعمل الصالح المزكى للروح البشرية والمطهر لها فلذا المسلمون واليهود والنصارى والصابئون (١) وغيرهم كالمجوس وسائر أهل الأديان من آمن منهم بالله واليوم الآخر حق الإيمان وعمل صالحا مما شرع الله تعالى من عبادات فلا خوف عليهم بعد توبتهم ولا حزن ينتابهم عند موتهم من أجل ما تركوا من الدنيا ، إذ الآخرة خير وأبقى.
والإيمان الصحيح لا يتم لأحد إلا بالايمان بالنبى الخاتم محمد صلىاللهعليهوسلم والعمل الصالح لا يكون إلا بما جاء به النبى الخاتم في كتابه وما أوحى إليه ، إذ بشريعته نسخ الله سائر الشرائع قبله وبالنسخ بطل مفعولها فهى لا تزكى النفس ولا تطهرها. والسعادة الأخروية متوقفة على زكاة النفس (٢) وطهارتها.
هداية الآية :
من هداية الآية :
١ ـ العبرة بالحقائق لا بالألفاظ فالمنافق إذا قال هو مؤمن أو مسلم ، ولم يؤمن بقلبه ولم يسلم بجوارحه لا تغنى النسبة عنه شيئا ، واليهودى والنصرانى والصابىء وكل ذى دين نسبته إلى دين قد نسخ وبطل العمل بما فيه فأصبح لا يزكى النفس ، هذه النسبة لا تنفعه ، وانما الذى ينفع الايمان الصحيح والعمل الصالح.
٢ ـ أهل الإيمان الصحيح والاستقامة على شرع الله الحق مبشرون بنفي الخوف عنهم والحزن وإذا انتفى الخوف حصل الأمن واذا انتفى الحزن حصل السرور والفرح وتلك السعادة.
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ (٣) وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ
__________________
(١) عامة أهل العلم على أن الصابئة ليسوا أهل كتاب فلا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم لأنهم وثنيون ولا كتاب لهم على الصحيح.
(٢) لقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها).
(٣) مأخوذ من وثق الشيء بالحبل إذا شدّه به تقوية له.