نعمة الله على بنى اسرائيل وهى حال تستوجب الشكر ، وذلك أنهم لما انتهت مدة التيه وكان قد مات كل من موسى وهارون وخلفهما في بنى اسرائيل فتى موسى يوشع بن نون وغزا بهم العمالقة وفتح الله تعالى عليهم بلاد القدس أمرهم الله تعالى أمر إكرام وإنعام فقال ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا. واشكروا لى هذا الإنعام بان تدخلوا باب المدينة راكعين متطامنين قائلين. دخولنا الباب سجدا حطة لذنوبنا التى اقترفناها بنكولنا عن الجهاد على عهد موسى وهارون. نثبكم بمغفرة ذنوبكم ونزيد المحسنين منكم ثوابا كما تضمنت الآية الثانية (٥٩) حادثة أخرى تجلت فيها حقيقة سوء طباع اليهود وكثرة رعوناتهم وذلك بتغييرهم الفعل الذى أمروا به والقول الذى قيل لهم فدخلوا الباب زاحفين على أستاههم قائلين : حبه في شعيرة!! ومن ثم انتقم الله منهم فأنزل على الظالمين منهم طاعونا أفنى منهم خلقا كثيرا جزاء فسقهم عن أمر الله عزوجل. وكان فيما ذكر عظة لليهود لو كانوا يتعظون.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١ ـ تذكير الأبناء بأيام (١) الآباء للعظة والاعتبار.
٢ ـ ترك الجهاد إذا وجب يسبب (٢) للامة الذل والخسران.
٣ ـ التحذير من عاقبة الظلم والفسق والتمرد على أوامر الشارع.
٤ ـ حرمة (٣) تأويل النصوص الشرعية للخروج بها عن مراد الشارع منها.
٥ ـ فضيلة الاحسان (٤) فى القول والعمل.
__________________
(١) المراد بالأيام : ما وقع فيها من خير وغيره ثمرة كسبهم ونتاج أعمالهم بالطاعة لله تعالى ، أو المعصية له عزوجل.
(٢) يشهد له حديث أبي داود وأحمد إذ فيه وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم.
(٣) كتأويل الروافض لفظ بقرة بعائشة رضي الله عنها في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) وكتأويل بعض المعاصرين أن ربا البنوك ليس هو ربا الجاهلية الحرام.
(٤) المحسن : من صح عقد توحيده ، وأحسن سياسة نفسه ، وأقبل على أداء فرضه ، وكفى المسلمين شرّه. هكذا عرّفه بعضهم ، وأقرب من هذا ، المحسن : من راقب الله تعالى في نياته ، ومعتقداته ، وأقواله ، وأفعاله فأحسن في ذلك كله ولم يسيء فيه وبذل المعروف للناس ، ولم يسيء إليهم ، وحسب الإحسان فضيلة أنّ الله يحب المحسنين ، ومن أحبه الله أسعده وما أشقاه.