والسلوى (١) أيام حادثة التيه في صحراء سيناء وفي قوله تعالى : (وَما ظَلَمُونا) إشارة الى ان محنة التيه كانت عقوبة لهم على تركهم الجهاد وجرأتهم على نبيّهم اذ قالوا له : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ). وما ظلمهم (٢) فى محنة التيه ، ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ عبادة المؤمن غير الله وهو يعلم أنها عبادة لغير الله تعالى تعتبر ردة منه (٣) وشركا.
٢ ـ مشروعية قتال المرتدين ، وفي الحديث : «من بدّل دينه فاقتلوه» ، ولكن بعد استتابته.
٣ ـ علة الحياة كلها شكر الله تعالى (٤) بعبادته وحده.
٤ ـ الحلال ، من المطاعم والمشارب وغيرها ، ما احله الله والحرام ما حرمه الله عزوجل.
(وَإِذْ (٥) قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً
__________________
(١) السلوى : اسم جنس جمعي واحده : سلواة ، وقيل لا واحد له ، وهو طائر بريّ لذيذ اللّحم سهل الصيد تسوقه لهم ريح الجنوب كلّ مساء ويسمى أيضا : السماني كحبارى
(٢) في قوله تعالى : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) تقديم المفعول وهو أنفسهم على الفاعل وهو الضمير في يظلمون لإفادة القصر ، وهو قصر ظلمهم على أنفسهم حيث لم يتجاوز إلى غيرهم لا موسى ولا ربّه تعالى.
(٣) بدليل أمر الله بني اسرائيل بأن يقتل من لم يعبد العجل من عبده لأنه في حكم المرتد ، والمرتد يقتل لحديث الصحيح : «من بدّل دينه فاقتلوه».
(٤) دلّ عليه قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ) أي أحييناكم بعد موتكم لعلكم تشكرون ، وأصرح منه قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) والعبادة هي الشكر.
(٥) ذهب الشيخ محمد الطاهر بن عاشور صاحب تفسير «التحرير والتنوير» إلى أن القائل لبني اسرائيل : (ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ..) الآية هو موسى عليهالسلام وأنّ هذا الأمر كان في بداية أمرهم لمّا خرجوا من مصر ، وأنّ الذين ظلموا منهم هم عشرة رجال من اثنى عشر بعث بهم موسى عليهالسلام جواسيس يكتشفون أمر العدو ويقدّرون قوته قبل إعلان الحرب عليهم فرجعوا وهم يهوّلون من شأن العدو وقوته وينشرون الفزع والرعب في بني اسرائيل ما عدا اثنين منهم وهما : يوشع بن نون قريب موسى ، وطالب بن بقتّه الذين ذكرا في سورة المائدة : (قالَ رَجُلانِ ..) الآية وخالف في هذا جمهور المفسرين وادعى الغلط لهم ، وما حمله على ذلك سوى أن السياق ما زال مع موسى وقومه مع أن الله تعالى لم يذكر موسى بل قال : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) والرسول صلىاللهعليهوسلم في حديث البخاري قال : (قيل لبني اسرائيل) ولم يقل : قال موسى لبني اسرائيل ونص الحديث : «قيل لبني اسرائيل ادخلوا الباب سجّدا قولوا حطة يغفر لكم خطاياكم فبدّلوا وقالوا : حطة حبّة في شعرة» والآمر لهم حقيقة. هو الله تعالى على لسان يوشع ، إذ هو الذي قاد الحملة ونصره الله ، ودخل بيت المقدس ، وأحاديث الرسول صلىاللهعليهوسلم شاهدة.