شرح الكلمات :
(لا يَغْفِرُ) : لا يمحو ولا يترك المؤاخذة
(أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) : أي يعبد معه غيره تأليها له بحبه وتعظيمه وتقديم القرابين له ، وصرف العبادات له كدعائه والاستعانة به والذبح والنذر له.
(وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) : أي ما دون الشرك والكفر من سائر الذنوب والمعاصي التي ليست شركا ولا كفرا.
(لِمَنْ يَشاءُ) : أي لمن يشاء المغفرة له من سائر المذنبين بغير الشرك والكفر.
(افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) : افترى : اختلق وكذب كذبا بنسبته العبادة إلى غير الرب تعالى ، والإثم : الذنب العظيم الكبير.
معنى الآية الكريمة :
يروى أنه لما نزل قول الله تعالى من سورة الزمر (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) قام رجل فقال والشرك يا نبي الله؟ فكره ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنزل الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ (١) بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فأخبر تعالى عن نفسه بأنه لا يغفر الذنب المعروف بالشرك والكفر ، وأما سائر الذنوب كبيرها وصغيرها فتحت المشيئة إن شاء غفرها لمرتكبها فلم يعذبه بها ، وإن شاء آخذه بها وعذبه ، وأن من يشرك به تعالى فقد اختلق الكذب العظيم إذ عبد من لا يستحق العبادة وأله من لا حق له في التأليه فلذا هو قائل بالزور وعامل بالباطل ، ومن هنا كان ذنبه عظيما.
هداية الآية الكريمة :
من هداية الآية :
١ ـ عظم ذنب (٢) الشرك والكفر وأن كل الذنوب دونهما.
٢ ـ الشرك ذنب (٣) لا يغفر لمن مات بدون توبة منه.
__________________
(١) ومع ظهور سبب النزول فإنّ الآية تحمل تهديدا ووعيدا للناس شديدين ، يفهم ذلك من حرف التعليل ، وهو (إِنَّ اللهَ) كأنّه يقول : يا أيها الناس ادخلوا في الإسلام : إنّ الله لا يغفر أن يشرك به.
(٢) وجه عظم ذنب الشرك يدرك بما يلي : أوّلا : أنّه ذنب لا يغفر إلّا لمن تاب منه ، ثانيا : أنّه محبط للعمل مهما كثر وعظم لقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).
(٣) يعرف الشرك : بأنه عبادة غير الله مع الله ، ومن أنواع العبادة التعظيم ، والرغبة والرهبة ، والدعاء ، والذبح والنذر ، والركوع والسجود ، والصيام والحلف ، وهو من التعظيم.