(غُزًّى) (١) : جمع غاز وهو من يخرج لقتال ونحوه من شؤون الحرب.
الحسرة (٢) : ألم يأخذ بخناق النفس بسب فوت مرغوب أو فقد محبوب.
معنى الآيات :
ما زال السياق في أحداث غزوة أحد ونتائجها المختلفة ففي هذه الآية (١٥٦) ينادى الله المؤمنين الصادقين في إيمانهم بالله ورسوله ووعد الله تعالى ووعيده يناديهم (٣) لينهاهم عن الاتصاف بصفات الكافرين النفسية ومن ذلك قول الكافرين لإخوانهم في الكفر إذا هم ضربوا في الأرض لتجارة أو لغزو فمات من مات منهم أو قتل من قتل بقضاء الله وقدره ، لو كانوا عندنا أى ما فارقونا وبقوا في ديارنا ما ماتوا وما قتلوا وهذا دال على نفسية الجهل ومرض الكفر ، وحسب سنة الله تعالى فإن هذا القول منهم يتولد ، لهم عنه بإذنه تعالى غم نفسي وحسرات قلبية تمزقهم وقد تودى بحياتهم ، وما درى أولئك الكفرة الجهال أن الله يحيي ويميت ، فلا السفر ولا القتال يميتان ، ولا القعود في البيت جبنا وخورا يحيى هذا معنى قوله تعالى في هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا ، لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ، وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) وقوله تعالى في ختام هذه الآية : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيه وعد للمؤمنين إن انتهوا عما نهاهم عنه في الآية ووعيد ان لم ينتهوا فيجزيهم بالخير خيرا ، وبالشر إن لم يعف شرا. أما الآية الثانية (١٥٧) فإن الله تعالى يبشر عباده المؤمنين مخبرا إياهم بأنهم إن قتلوا في سبيل الله أو ماتوا فيه يغفر لهم ويرحمهم وذلك خير مما يجمع الكفار من حطام الدنيا ذلك الجمع للحطام الذي جعلهم يجبنون عن القتال والخروج في سبيل الله فقال تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ (٤) فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ (٥) لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٦) وفي الآية الثالثة (١٥٨) يؤكد تلك الخيرية التى تضمنتها الآية السابقة فيقول : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ)
__________________
(١) الغزو : قصد الشيء ، والمغزى : المقصد ، والمغزية : المرأة التي غزا زوجها ، والنسبة إلى الغزو غزويّ.
(٢) والحسرة : شدة الأسف أي الحزن.
(٣) في نداء الله المؤمنين بعنوان الإيمان وهي صفة جامعة لهم فيه تلطف بعد تقريع فريق منهم وهم الذين تولوا عن القتال يوم التقى الجمعان.
(٤) اللّام موطئة للقسم أي مؤذنة بأن قبلها قسما مقدّرا ، واللام في (لَمَغْفِرَةٌ) هي في جواب القسم الذي هو المغفرة
(٥) أهل الحجاز يقولون متم بكسر الميم نحو نمتم من نام ومات وغيرهم يقولون متم بضم الميم في متم ونمتم نحو كنتم وقلتم.
(٦) قرىء تجمعون بالتاء أي أنتم أيها المؤمنون ويجمعون بالياء أي الكافرون والمنافقون.