وربا النسيئة : هو أن يكون على المرء دين الى أجل فيحل الأجل ولم يجد سدادا لدينه فيقول له أخرني وزد في الدين.
(أَضْعافاً مُضاعَفَةً) : لا مفهوم لهذا لأنه خرج مخرج الغالب ، إذ الدرهم الواحد حرام كالألف ، وإنما كانوا في الجاهلية يؤخرون الدين ويزيدون مقابل التأخير حتى يتضاعف الدين فيصبح أضعافا كثيرة.
(تُفْلِحُونَ) : تنجون من العذاب وتظفرون بالنعيم المقيم في الجنة.
(أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) : هيئت وأحضرت للمكذبين لله ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
(لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) : لترحموا فلا تعذّبوا بما صدر منكم من ذنب المعصية.
معنى الآيات :
(١) صح أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان قد دعا على أفراد من المشركين بالعذاب ، وقال يوم أحد لما شج رأسه وكسرت رباعيته : «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم؟» فأنزل الله تعالى عليه قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أي فاصبر حتى يتوب (٢) الله تعالى عليهم أو يعذبهم بظلمهم فإنهم ظالمون ولله ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا يتصرف كيف يشاء ويحكم ما يريد فإن عذب فبعدله وإن رحم فبفضله ، وهو الغفور لمن تاب الرحيم بمن أناب.
هذا ما تضمنته الآيتان الأولى (١٢٨) والثانية (١٢٩) وأما الآية الثالثة (١٣٠) فإن الله تعالى نادى عباده المؤمنين بعد أن خرجوا من الجاهلية ودخلوا في الإسلام بأن يتركوا أكل الربا وكل تعامل به فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) إذ كان الرجل يكون عليه دين ويحل أجله ولم يجد ما يسدد به فيأتي إلى دائنه ويقول أخّر ديني (٣) وزد عليّ وهكذا للمرة الثانية والثالثة حتى يصبح الدين بعد ما كان عشرا عشرين وثلاثين. وهذا معنى قوله أضعافا مضاعفة ، ثم أمرهم بتقواه عزوجل
__________________
(١) رواه مسلم وهذا نص الحديث : «لما كسرت رباعية الرسول صلىاللهعليهوسلم وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم وكسروا رباعيته (سنّه الأمامية) وهو يدعوهم إلى الله تعالى فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الآية.
(٢) لما نزلت الآية وفيها (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) وهي تحمل إطماعه صلىاللهعليهوسلم في إسلامهم قال : «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» روى مسلم عن ابن مسعود قوله : كأني أنظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحكي نبيّا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : ربّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
(٣) هذا إن كان الطالب التاجر المدين أمّا إن كان المطالب هو الدائن فإنه يقول له : أتقضي أم تربي؟.