(يُحْبِبْكُمُ اللهُ) : لطاعتكم إيّاه وطهارة أرواحكم بتقواه.
(يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) : يسترها عليكم ولا يؤاخذكم بها.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أعرضوا عن الإيمان والطاعة.
معنى الآيتين :
لما ادعى وفد نصارى نجران أن تعظيمهم المسيح وتقديسهم له ولأمه إنما هو من باب طلب حبّ (١) الله تعالى بحب ما يحب وتعظيم ما يعظم أمر الله تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم في هذه الآية أن يقول لهم : إن كنتم تحبون الله تعالى ليحبكم فاتبعونى على ما جئت به من التوحيد والعبادة يحببكم الله تعالى ، ويغفر لكم ذنوبكم أيضا وهو الغفور الرحيم. وبهذا أبطل دعواهم في أنهم ما ألّهوا المسيح عليهالسلام الا طلبا لحب الله تعالى والحصول عليه. وأرشدهم إلى أمثل طريق للحصول على حب (٢) الله تعالى وهو متابعة الرسول على ما جاء به من الإيمان والتوحيد والعبادة المزكية للروح المورثة لحب الله تعالى وهذا ما تضمنته الآية الأولى (٣١). وأما الآية الثانية (٣٢) فقد أمر تعالى رسوله أن يأمر وفد نصارى نجران وغيرهم من أهل الكتاب والمشركين بطاعته وطاعة رسوله إذ هما طريق الكمال والإسعاد في الدنيا والآخرة. فإن أبوا وأعرضوا أو تولوا فقد باءوا بغضب الله وسخطه عليهم لأنهم كافرون والله لا يحب الكافرين هذا معنى قوله تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ).
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ محبة العبد للرب تعالى واجب وإيمان لقول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «أحبوا الله تعالى لما يغذوكم به من النعم وأحبونى بحب (٣) الله تعالى». وقوله صلىاللهعليهوسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله
__________________
(١) الحبّ : المحبة ، والحبّ بالكسر كالحبّ ، والحبّ أيضا المحبوب ، ومنه الأثر : أسامة حبّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابن حبه : أي زيد مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وورد حبه يحب ولم يأت اسم الفاعل منه حابّ كما لم يأت اسم المفعول من أحبّ محبّ وإنما أتى محبوب.
(٢) روى مسلم عن أبي هريرة أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله إذا أحبّ عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول : إنّ الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إنّ الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض».
(٣) الحبّ : الميل إلى ما في إدراكه لذة روحية كحب الله ورسوله وحب ما يحب الله ورسوله ويستلزم الحب طاعة المحبوب قال الشاعر :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه |
|
هذا لعمري في القياس بديع |
لو كان حبك صادقا لأطعته |
|
إنّ المحب لمن يحب مطيع |