شرح الكلمات :
(مِنْ نَفَقَةٍ) : يريد قليلة أو كثيرة من الجيد أو الرديء.
(مِنْ نَذْرٍ) : النذر (١) التزام المؤمن بما لم يلزمه به الشارع ، كأن يقول : لله علىّ أن أتصدق بألف ؛ أو أصوم شهرا أو أصلي كذا ركعة أو يقول : إن حصل (٢) لي كذا من الخير أفعل كذا من الطاعات.
(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) : أي تظهروها.
(فَنِعِمَّا هِيَ) : فنعم تلك الصدقة التي أظهرتموها ليقتدى بكم فيها.
(وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) : يكفر بمعنى يسترها ولا يطالب بها ، ومن للتبعيض إذ حقوق العباد لا تكفرها الصدقة.
معنى الآية الكريمة :
بعد ما دعا تعالى عباده إلى الإنفاق في الآية السابقة أخبر تعالى أنه يعلم ما ينفقه عباده فإن كان المنفق جيدا صالحا يعلمه ويجزي به وإن كان خبيثا رديئا يعلمه ويجزي به وقال تعالى مخاطبا عباده المؤمنين : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ (٣) يَعْلَمُهُ) فما كان مبتغى به وجه الله ومن جيد المال فسوف يكفر به السيئات ويرفع به الدرجات ، وما كان رديئا ونذرا لغير الله تعالى فإن أهله ظالمون وسيغرمون أجر نفقاتهم ونذورهم لغير الله ولا يجدون من يثيبهم على شيء منها لأنهم ظالمون فيها حيث وضعوها في غير موضعها ، (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ). هذا ما تضمنته الآية الأولى (٢٧٠).
__________________
(١) مما يجب علمه أنّه شاع في العامة بين المسلمين النذر للأولياء والصالحين وهو محرّم قطعا إذ هو من شرك العبادة فبعضهم يقول يا سيدي فلان إن قضى الله حاجتي فعلت لك كذا ، وآخر يقول : إن حصل لي كذا ذبحت لك أو جدّدت بناء قبّتك أو أنرت ضريحك ، فيجب أن ينهى عن هذا كله ويعلم من يفعله أنه أشرك بعبادة ربّه.
(٢) النذر المشروط مكروه لقول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من مال البخيل». أو كما قال صلىاللهعليهوسلم. أمّا النذر المطلق فهو قربة من أفضل القرب ، وفي التفسير بيان لكلّ من المطلق والمشروط فانظره.
(٣) في الآية إيجاز بليغ إذ التقدير وما أنفقتم من نفقة فإنّ الله يعلمها أو نذرتم من نذر فإنّ الله يعلمه فحذف من الأول لدلالة الأخير عليه تجنّبا للتكرار المنافي لبلاغة الكلام.