ويذوق عسيلتك» ، فإن طلقها الثاني بعد البناء والخلوة والوطء أو مات عنها جاز لها أن تعود إلى الأول إن رغب هو في ذلك وعلما من أنفسهما أنهما يقيمان حدود الله فيهما بإعطاء كل واحد حقوق (١) صاحبه مع حسن العشرة وإلا فلا مراجعة تحل لهما. ولذا قال تعالى إن ظنا أن يقيما حدود الله ثم نوّه الله تعالى بشأن تلك الحدود فقال : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) وهي شرائعه ، يبينها سبحانه وتعالى لقوم يعلمون (٢) ، إذ العالمون بها هم الذين يقفون عندها ولا يتعدونها فيسلمون من وصمة الظلم وعقوبة الظالمين.
هداية الآية
من هداية الآية
١ ـ المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها (٣) إلا بشرطين الأول أن تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويبني بها ويطأها والثاني أن يغلب على ظن كل منهما أن العشرة بينهما تطيب وأن لا يتكرر ذلك الاعتداء الذي أدى إلى الطلاق ثلاث مرات.
٢ ـ موت الزوج الثاني كطلاقه تصح معه الرجعة إلى الزوج الأول بشرطه.
٣ ـ إن تزوجت المطلقة ثلاثا بنيّة التمرد على الزوج حتى يطلقها لتعود إلى الأول فلا يحلّها هذا النكاح لأجل التحليل ، لأن الرسول صلىاللهعليهوسلم أبطله وقال : «لعن الله المحلل والمحلل له» ويسمّى بالتيس المستعار ، ذاك الذي يتزوج المطلقة ثلاثا بقصد أن يحلها للأول.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١))
__________________
(١) ذهب بعض الفقهاء إلى أنه ليس على الزوجة عمل لزوجها ولا حق له عليها إلّا في الاستمتاع بها وهو قول واه يرده ما كان عليه بنات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأزواجه وأزواج أصحابه ، إذ كن يطحنّ ويغسلن ويطبخن ويقمن بعمل المنزل ويؤمرن بذلك بل ويضر بن إن قصّرن فيه.
(٢) أي الذين يفهمون الأحكام فهما يهيئهم للعمل بها وبإدراك مصالحها فلا يتحيلون في فهمها ليتركوا العمل بها.
(٣) اختلف فيمن طلقت طلقة أو طلقتين ثم تزوجت ومات زوجها وطلقها ورجعت إلى زوجها الأوّل فهل النكاح الجديد يهدم السابق أو تبقى على ما كانت عليه؟ الجمهور على أنها تبقى على ما كانت عليه من طلقة أو طلقتين.