كما يسألانه عزوجل أن يجعلهما مسلمين له وأن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة (١) له مؤمنة به موحدة له ومنقادة لأمره ونهيه مطيعة ، وأن يعلمهما مناسك (٢) حج بيته العتيق ليحجاه على علم ويتوب عليهما ، كما سألاه عزوجل أن يبعث في ذريتهما رسولا منهم يتلو عليهم آيات الله ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم بالإيمان وصالح الأعمال ، وجميل الخلال وطيب الخصال.
وقد استجاب الله تعالى دعاءهما فبعث في ذريتهما من أولاد إسماعيل إمام المسلمين وقائد الغر المحجلين نبينا محمدا صلىاللهعليهوسلم وقد قرر هذا صلىاللهعليهوسلم بقوله : «أنا دعوة (٣) أبي إبراهيم وبشارة عيسى ... عليهم جميعا السّلام».
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ فضل الإسهام بالنفس في بناء المساجد (٤).
٢ ـ المؤمن البصير في دينه يفعل الخير وهو خائف أن لا يقبل منه فيسأل الله تعالى ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته أن يتقبله منه.
٣ ـ مشروعية سؤال الله للنفس وللذرية الثبات على الإسلام حتى الموت عليه.
٤ ـ وجوب تعلم مناسك الحج والعمرة على من أراد أن يحج أو يعتمر.
٥ ـ وجوب طلب تزكية النفس بالإيمان والعمل الصالح ، وتهذيب الأخلاق بالعلم والحكمة.
٦ ـ مشروعية التوسل إلى الله تعالى في قبول الدعاء وذلك بأسمائه تعالى وصفاته لا بحق فلان وجاه فلان كما هو شأن المبتدعة والضلال ففي هذه الآيات الثلاث توسل إبراهيم وإسماعيل بالجمل التالية :
١ ـ (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
__________________
(١) هي أمّة الإسلام التي أنشأها بعون الله تعالى محمد الذي بعثه الله رسولا في ذرية اسماعيل للعالمين.
(٢) النسك في اللغة الغسل بالماء ، يقال نسك ثوبه إذا غسله ، وهو في الشرع اسم للعبادة ، لأن العبادة تطهّر النفس وتزكيها ، يقال : رجل ناسك ومتنسك إذا لازم العبادة يغسل بها نفسه لتطهر وتزكو فيفلح بذلك ويفوز. ومناسك الحج هي العبادات المشروعة فيه من إحرام وطواف وذبح الهدي وغير ذلك.
(٣) رواه أحمد بلفظ : «إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمجندل في طينته وسأنبئكم بأول ذلك. دعوة ابراهيم ، وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين.»
(٤) وفي الحديث الصحيح : «من بنى لله مسجدا بنى الله له قصرا في الجنة».