ربط الكون بعضه
ببعض ، ونظم بعضه ببعض ، وواجد بعضه ببعض» .
«والذي عليه أهل
السنة هو أنّ المقدور قدر بأسباب ، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور ، ومتى لم
يأت بالسبب انتفى المقدور ، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب ، وقدر الولد
بالوطء ، وقدر حصول الزرع بالبذر ، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه ، وكذلك قدر دخول
الجنّة بالأعمال ، ودخول النّار بالأعمال»
والقرآن والسنّة
مملوءان بأنّه يخلق الأشياء بالأسباب لا كما يقول أتباع جهم من الأشاعرة وغيرهم
أنّه يفعل عندهم لا بها ، كقوله تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ
السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) وقوله : (وَنَزَّلْنا مِنَ
السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ
باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً
مَيْتاً) وقوله : (يَهْدِي بِهِ اللهُ
مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) ، وأمثال هذا في القرآن يزيد على ألف موضوع ، والقرآن من
أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر أو الأحكام الكونية والأمرية على
الأسباب ، بل في ترتب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب
والأعمال» . ومع ظهور تهافت هذا القول ـ (إنكار تأثير الأسباب في
مسبباتها) إلّا أننا نجد البيهقيّ يصرّ على اقتفاء أثر أسلافه الأشاعرة بما أورده
عن الخطابي في التعليق على حديث عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كنّا مع رسول
الله صلىاللهعليهوسلم في جنازة .. الحديث . ثم رام اختصار ذلك المعنى كلّه في جملة موجزة ، فعقب بقول
سهل بن محمد الصعلوكي ـ أحد الأشاعرة ـ «أعمالنا أعلام الثواب والعقاب» .
__________________