وقال أبو بكر بن إسحاق الصّيفيّ : غلام خليل محمد لا أشكّ في كذبه.
وكذا كذّبه إسماعيل القاضي.
وعن أبي داود السّجستانيّ ، وذكر غلام خليل ، قال : ذاك دجّال بغداد.
عرض عليّ من حديثه ، فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلّها.
قلت : وقد كان لغلام خليل جلالة عظيمة ببغداد. وفيه حدّة وتسرّع. فقدم من واسط في أول سنة أربع وستّين.
قال أبو سعيد بن الأعرابيّ : فذكرت له هذه الشّناعات ، يعني خوض الصّوفيّة في دقائق الأحوال الّتي يذمّها أهل الأثر.
وقال ابن الأعرابيّ : وذكر له بعض مذاهب البغداديّين وقولهم في المحبّة ، ولم يزل يبلغهم عن الشّاذّ من أهل البصرة أنّهم يقولون نحن نحب ربّنا وربّنا يحبّنا ، وقد أسقط عنّا خوفه بغلبة محبّته. فكان ينكر هذا الخطأ بخطإ مثله ، وأغلظ منه ، حتّى جعل محبّة الله بدعة. وقال : إنّما المحبّة للمخلوقين ، والخوف أفضل وأولى بنا. وليس هذا كما توهّم ، بل المحبّة والخوف أصلان من أصول الإيمان لا يخلو المؤمن منهما ، وإن كان أحدهما أغلب على بعض النّاس من بعض.
قال : فلم يزل غلام خليل يقصّ بهم ويذكرهم في مجالسه ويحذّر منهم ، ويغريّ بهم السّلطان والعامّة ، ويقول : كان عندنا بالبصرة قوم يقولون بالحلول ، وأقوام يقولون بالإباحة ، وأقوام يقولون كذا ، تعريضا بهم ، وتحريضا عليهم.
إلى أن قال ابن الأعرابيّ : فانتشر في أفواه العامّة أنّ جماعة من أهل بغداد ذكر عنهم الزّندقة. وكانت السّيّدة والدة الموفّق مائلة إلى غلام خليل ، وكذلك الدّولة والعوامّ لما هو عليه من الزّهد والتّقشّف. فأمرت السّيّدة المحتسب أن يطيع غلام خليل ، فطلب القوم ، وفرّق الأعوان في طلبهم وكتب أسماءهم ، وكانوا نيّفا وسبعين نفسا ، فاختفى عامّتهم ، وبعضهم خلّصتهم العامة. والقصّة فيها طول. وجدر جماعة منهم مدّة.