التّمر فيفطر عليه ، ويبيعني النّوى.
فندموا على ضربه وتحلّلوه ، وازداد نبلا عند أهل القرية. وتبعه جماعة ، فكان يأخذ من كلّ رجل دينارا ، واتّخذ منهم اثني عشر نقيبا. وفرض عليهم كلّ يوم خمسين صلاة ، سوى نوافل اشتغلن بها عن زراعاتهم ، فخربت الضّياع. وكانت للهيصم ضياع هناك فقصّروا. فبلغه شأنه ، فطلبه وسأله عن أمره ، فأخبره ودعاه إلى مذهبه. فحبسه في بيت وحلف ليقتلنّه. فسمعته جارية من جواريه ، فرقّت له ، وأخذت المفتاح وفتحت عليه. ثمّ قفلت الباب ، وأعادت المفتاح إلى مكانه ، فانتبه الهيصم ففتح الباب فلم يجده. وقال النّاس : رفع إلى السّماء.
ثمّ ظهر في مكان آخر ، فسألوه عن قصّته فقال : من تعرّض لي بسوء هلك. ثمّ انسحب إلى الشّام ، فلم يعرف له خبر. وصحبه رجل يقال له كرميتة (١) ، ثمّ خفّف ، فقيل قرمط.
وفي قول : كان هذا الرجل قد لقي الخبيث ملك الخوارج الزّنج ، فقال له : ورائي مائة ألف سيف ، فوافقني على مذهبي حتّى أصير إليك بمن معي.
وتناظرا فاختلفا ، ولم يتّفقا ، فافترقا (٢).
القول الثّاني : إنّ أول من أظهر مذهبهم رجل يقال له محمد الورّاق يعرف بالمقرمط الكوفيّ. شرّع لهم شرائع وتراتيب خالف بها دين الإسلام (٣).
والثالث ، إنّ بعض دعاتهم اكترى دوابّ من رجل يقال له قرمط بن
__________________
(١) كرميتة ، بالتاء ، وقيل : كرميثة ، بالثاء. وفي المنتظم لابن الجوزي ٥ / ١١١ «كرمية».
(٢) الخبر عن ظهور القرامطة في :
تاريخ الطبري ١٠ / ٢٣ ـ ٢٧ ، وتاريخ أخبار القرامطة لابن سنان ٧ ـ ١٠ ، ١٢ والعيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ١٢٥ ـ ١٢٩ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٦٩ ، والمنتظم ٥ / ١١٠ ـ ١١٣ ، والكامل في التاريخ ٧ / ٤٤٤ ـ ٤٤٧ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ٤٥ ، ٤٦ وهو يسمّي القرامطة بالنصيريّين ، وتاريخ مختصر الدول ١٤٩ ، ١٥٠ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٥ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٢٤١ ، ودول الإسلام ١ / ١٦٨ ، والبداية والنهاية ١١ / ٦١ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٩٢ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٨٣ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٧٨ ، وتاريخ الخلفاء ٣٦٦ ، ومآثر الإنافة ١ / ٢٥٤ ، ٢٥٥.
(٣) المنتظم ٥ / ١١١.