نفسه الى نتائج قد
تكون متعارضة أتم التعارض مع تلك النتائج التى وصل إليها من اعتمد على «الابانة»
فى تقويم مذهبه وتقدير مواهبه. فسوف يلمس القارئ ـ بعد مطالعة هذا الكتاب ـ السر
فى نجاح الأشعرى ، وكيف أن الأشعرى قد كسب تلك الشهرة عن أسباب ذاتية أصيلة فيه ،
وأن مذهبه قد نال تلك المكانة الرفيعة لأنه مذهب يرضى خاصة الأمة ولا يصعب على
عامتها ، لا لأن صاحبه كان من أسرة كبيرة أو أنه كان قوى الشخصية. كما أن القارئ
سوف يلمس أيضا بطلان الادعاء بوجود هوة سحيقة بين مذهب الأشعرى ومذهب الأشاعرة ،
وسوف يجد أن الخلاف بينه وبين أتباعه لم يمس أية مسألة جوهرية فى المذهب نفسه على
حسب ما قرره وصوره ، وانما هو خلاف فى طريقة الاستدلال ، أو فى تفسير بعض الأصول
أو الزيادة فى الشرح ، أو الاشتغال بمسائل لم تعرض للأشعرى فى أيام حياته ، وحسب «اللمع»
ذلك ليكون جديرا بما بذل فيه من جهد ، وما كلفنا من نصب وارهاق.
ولكن ذلك يعنى أن
هناك صورتين مختلفتين قد وردنا عن مذهب الأشعرى : صورة يحددها «اللمع» وأخرى
يخددها «الابانة». فهل يوجد بين الصورتين تناقض؟ واذا كان فهل قررهما الأشعرى فى
زمان واحد فيكون متناقضا فى نفسه ؛ أم أن ذلك يعود الى مرحلتين مختلفتين ، فى
تطوره الفكرى بعد