فعالم العقول المقدّسة والنفوس الكلّيّة كلاهما كتابان إلهيّان ، ويقال للعقل الأوّل «أمّ الكتاب» لإحاطته بالأشياء إجمالا ، وللنفس الكلّيّة السماويّة «الكتاب المبين» لظهورها فيها تفصيلا ، وللنفس المنطبعة في الجسم السماويّ «كتاب المحو والإثبات» لوقوعها فيها ، وأعيان الموجودات هي آيات تلك الكتب :
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) [١٠ / ٦] ؛ وهي كلمات الله التي لا تنفد ولا تبيد ، مع أعراضها اللازمة والمفارقة التي هي بمنزلة الحركات البنائيّة والإعرابيّة :
(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) [١٨ / ١٠٩].
فصل [٤]
[من الكتب الإلهية صحائف النفوس] (١)
ومن جملة كتب الله ـ عزوجل ـ المكتوبة بيد قدرته صحائف النفوس الناطقة الإنسانيّة ، المكتوبة فيها اعتقاداتهم الحقّة أو الباطلة وأعمالهم الحسنة أو القبيحة.
كما قال عزوجل : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) [٥٨ / ٢٢]. وقال عزوجل : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ
__________________
(١) ـ راجع المفاتيح الغيبية : المشهد الثاني عشر من المفتاح التاسع عشر ، ٦٤٦.