فصل [٨]
قال بعض المحققين (١) :
«الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق ، كالفرق بين وجود صورة محسوسة يكون مبدؤها من خارج الحسّ وبين وجود صورة محسوسة يكون مبدؤها من داخل الحسّ ، مع أنّ كلا منهما محسوس بهذه الحواسّ عند ظهور سلطان الباطن وقوّة بروزه إلى الظاهر.
ولا يستلزم ذلك اختصاص مشاهدة كتابة الله بمن غلب عليه سلطان الآخرة ـ دون غيره من أهل الحجاب ـ لجواز أن يكون لغيره ممن بحضوره بحسب التبعيّة من جهة سراية الحال منه إليهم ، لأسباب خفيّة لا تطلع على تفاصيلها ، مثل توجّه النفوس في تلك الساعة إلى الجنبة الباطنة وذهولهم عن الخارج ، وتعطّل حواسّهم عن استعمالها في هذه المحسوسات.
وكتابته ـ سبحانه ـ يسع كثيرها أصغر ورقه ، كما في الكتابين الذين كانا في يد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ؛ ولو أخذ المخلوق يكتب تلك الأسماء ـ على ما هي عليه فيها ـ لما قام بذلك كلّ ورق في العالم ؛ وكذلك الجفر والجامعة.
__________________
(١) ـ راجع الأسفار الأربعة : ٧ / ٣٤. ومفاتيح الغيب : الفاتحة التاسعة من المفتاح الأول : ٣٧. والفتوحات المكية : الباب ٣١٥ : ٣ / ٥٩.
(٢) ـ راجع ما مضى من الحديث في الفصل السابق.