يركب امتنعت ، فقال جبرئيل : «إنّه محمّد» ، فتواضعت حتّى لصقت بالأرض».
ـ قال ـ : «فركب فكلّما هبطت ارتفعت يداها وقصرت رجلاها وإذا صعدت ارتفعت رجلاها وقصرت يداها ؛ فمرّت به في ظلمة الليل على عير محمّلة ، فنفرت العير من دفيف البراق ؛ فنادى رجل في آخر العير غلاما له في أوّل العير : «يا فلان ـ إنّ الإبل قد نفرت ، وإنّ فلانة قد ألقت حملها وانكسر يدها» ـ وكانت العير لأبي سفيان ـ».
ـ قال ـ : ثمّ مضى ـ حتّى إذا كانت ببطن البلقاء (١) ـ قال : «يا جبرئيل ـ قد عطشت ، فتناول جبرئيل قصعة فيها ماء ، فناوله ، فشرب ، ثمّ مضى ، فمرّ على قوم معلّقين بعراقيبهم بكلاليب من نار (٢).
فقال : «ما هؤلاء ـ يا جبرئيل»؟
فقال : «هؤلاء الذين أغناهم الله بالحلال ، فيبغون الحرام».
ـ قال ـ : «ثمّ مرّ على قوم تخاط جلودهم بمخائيط من نار ؛ فقال : «ما هؤلاء ـ يا جبرئيل»؟
فقال : «هؤلاء الذين يأخذون عذرة النساء بغير حلّ».
ثمّ مضى ، فمرّ على رجل يرفع حزمة من حطب (٣) ، كلّما لم يستطع أن يرفعها زاد فيها ؛ فقال : «من هذا ـ يا جبرئيل»؟
__________________
(١) ـ قال الياقوت (معجم البلدان : ١ / ٧٢٨) : «البلقاء : كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى ، قصبتها عمان».
(٢) ـ العرقوب : عصب غليظ فوق العقب. الكلاليب ـ جمع كلاب ـ : حديدة معطوفة يعلق بها اللحم وغيره.
(٣) ـ الحزمة : ما حزم وشدّ عليه الحزام من الحطب.