إشاراته في تفصيل ظاهر الشرع الذي يعجز الفقهاء والعقلاء عن إدراك أوائل دقائقها في طول أعمارهم ـ لم يبق له ريب ولا شكّ في أنّ ذلك لم يكن مكتسبا بحيلة تقوم بها القوّة البشريّة ، بل لا يتصوّر ذلك إلّا بالاستمداد من تأييد سماويّ وقوّة إلهيّة ؛ وأنّ ذلك كلّه لا يتصوّر لكذّاب ولا لملبّس ، بل كانت شمائله وأحواله شواهد قاطعة مصدّقة ؛ حتّى أنّ العربيّ القحّ كان يراه فيقول : «والله ما هذا وجه كذّاب» فكان يشهد له بالصدق بمجرّد شمائله.
فكيف بمن يشاهد أخلاقه ويمارس في جميع مصادره وموارده ... وقد آتاه الله جميع ذلك ، وهو رجل أمّي لم يمارس العلم ولم يطالع الكتب ، ولم يسافر قطّ في طلب العلم ، ولم يزل بين أظهر الجهّال من الأعراب يتيما ضعيفا مستضعفا.
فمن أين حصل له ما حصل من محاسن الأخلاق والآداب ومعرفة مصالح الفقه ـ مثلا ـ فقط ، دون غيره من العلوم ؛ فضلا عن معرفته بالله وملائكته وكتبه ، وغير ذلك من خواصّ النبوّة! لو لا صريح الوحي؟!
ومن أين لبشر الاستقلال لذلك؟!
ولو لم يكن له إلّا هذه الامور الظاهرة لكان فيه كفاية ، وقد ظهر من معجزاته وآياته ما لا يستريب فيه محصّل».
* * *