ويحكم أحكاما جزئيّة ، كإدراك السنّور معنى في الفأر يحمله على الطلب ، وإدراك الفأر معنى في السنّور يوجب الهرب ؛ وهذا في الإنسان ينازع عقله ، لأنّه قوّة جرمانيّة لا يعترف بما يعترف به العقل ، ولهذا ينفر الإنسان من البيات في بيت فيه ميّت.
والرابع نسبته إلى الثالث كنسبة الثاني إلى الأوّل.
وبالخامس يجمع أجزاء أنواع مختلفة ، كجمعها حيوانا من رأس إنسان وعنق بعير وظهر فيل ـ مثلا ـ ويفرّق أجزاء نوع واحد ـ كإنسان بلا رأس ولا يسكن عن فعله ـ لا نوما ولا يقظة ـ ويحاكي للمدركات والهيئات المزاجيّة ، وينتقل من الشيء إلى ضدّه وشبيهه ، ويسمّى هؤلاء كلّها ـ أيضا ـ ب «القوى».
ففاعل الحركة ب «القوّة المحرّكة» والباعث على المنفعة ب «الشهويّة». والدافع للمضرّة ب «الغضبيّة». والمدركات الظاهرة ب «اللامسة» ، و «الذائقة» ، و «الشامّة» ، و «السامعة» ، و «الباصرة». والباطنة ب ـ «الحسّ المشترك» ، و «المصوّرة» ، و «الواهمة» ، و «الحافظة» و «المتصرّفة».
وربّما يقال للمصوّرة : «الخيال» ، وللمتصرّفة عند استعمال النفس إيّاها بواسطة الواهمة : «المتخيّلة» ، وعند استعمالها إيّاها بواسطة القوّة العقليّة ـ الآتية ذكرها ـ : «المفكّرة».
وربّما يسمّى الثلاث الأخيرة منها ب «المسترجعة» واولاها ب «الذاكرة» و «المتصرّفة» و «المتذكّرة» ، كأنّها يد روحانيّة للنفس ، كما أنّ الواهمة عين روحانيّة لها.
فسبحان خالق البشر ، وحمدا لواهب القوى والقدر.