السبع خلقا مثلنا ، حتّى أنّ فيهم ابن عبّاس ، مثلي».
وصدقت هذه الرواية عند أهل الكشف ... وكلّ ما فيها حيّ ناطق ... وهي باقية لا تفنى ولا تتبدّل ... وإذا دخلها العارفون إنّما يدخلون بأرواحهم لا بأجسامهم ، فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا ويتجرّدون ... وفيها مدائن لا تحصى ... بعضها يسمّى مدائن النور ـ لا يدخلها من العارفين إلا كلّ مصطفى مختار ... وكلّ حديث وآية وردت عندنا فصرفها العقل عن ظاهرها ، وجدناها على ظاهرها في هذه الأرض ، وكلّ جسد يتشكّل فيه الروحاني من ملك وجنّ ، وكلّ صورة يرى الإنسان فيها نفسه في النوم فمن أجساد هذه الأرض».
وقال الغزالي في المقالة الحادية والثلاثين من كتاب سرّ العالمين (١) :
__________________
(١) ـ طبع الكتاب (على ما جاء في مؤلفات الغزالي : ٢٢٥) في بومباي سنة ١٣١٤ ه ـ ، والقاهرة سنة ١٣٢٤ و ١٣٢٧. وطهران بغير تأريخ. وأما الموجود عندي فطبعة المكتبة الثقافة الدينية ، النجف الأشرف ، سنة ١٣٨٥ ه ـ. ويشتمل الكتاب على ثلاثين مقالة ، ويوجد النصّ في المقالة الثلاثين منه ـ مع فروق ـ فما قاله المؤلف ـ قدسسره ـ إما سهو جرى على القلم ، أو لاختلاف في ترتيب نسخته مع ما بأيدينا.
ويجدر بنا الإشارة إلى تشكيكات وقعت في نسبة الكتاب إلى الغزالي (راجع ٢٨١ من مؤلفات الغزالي) ؛ ومن مستندات النافين قوله فيه (المقالة السادسة والعشرون : ١٤٢) : «أنشد المعري لنفسه وأنا شاب في صحبة يوسف بن علي شيخ الإسلام ...» ـ ثمّ أورد أشعارا يوجد بعضها في اللزوميات لأبي العلاء المعري. وأبو العلاء ـ هذا ـ قد توفى سنة (٤٤٨) بينما الغزالي ولد سنة (٤٥٠).
وتحقيق الأمر يطلب مجالا آخر ونطاقا من البحث أوسع ، فإن وضوحها ذا أهميّة ، إذ به يصح ما اعتقده بعض الباحثين ـ منهم المؤلف في مقدمة كتابه «المحجة البيضاء في إحياء الإحياء» ـ بأن الغزالي تشيّع في أواخر عمره.