لم يزل ولا يزال وحدانيّا أزليّا قبل بدء الدهور ، وبعد صرف الامور ، الذي لا يبيد ولا ينفد(١).
بذلك أصف ربّي ، فلا إله إلّا الله ، من عظيم ما أعظمه! ومن جليل ما أجلّه! وعزيز ما أعزّه ، وتعالى عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا».
* * *
قال ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ـ رحمهالله ـ بعد نقل الخطبة المذكورة (٢) :
«وهذه الخطبة من مشهورات خطبه عليهالسلام حتّى لقد ابتذلها العامّة ، وهي كافية لمن طلب علم التوحيد إذا تدبّرها وفهم ما فيها ؛ فلو اجتمع ألسنة الجنّ والإنس ـ ليس فيها لسان نبيّ ـ على أن يبيّنوا التوحيد بمثل ما أتى به عليهالسلام ـ بأبي وأمّي ـ ما قدروا عليه ؛ ولو لا إبانته عليهالسلام ما علم الناس كيف يسلكون سبيل التوحيد.
ألا ترون إلى قوله : «لا من شيء كان ، ولا من شيء خلق ما كان» ؛
فنفى بقوله : «لا من شيء كان» معنى الحدوث ؛
وكيف أوقع على ما أحدثه صفة الخلق والاختراع بلا أصل ولا مثال ، نفيا لقول من قال : «إنّ الأشياء كلّها محدثة ، بعضها من بعض» ، وإبطالا لقول الثنويّة ـ الذين زعموا أنّه لا يحدث
__________________
(١) ـ في التوحيد : لا يبيد ولا يفقد.
(٢) ـ الكافي : باب جوامع التوحيد : ١ / ١٣٦. عنه البحار : ٥٧ / ١٦٤ ـ ١٦٦.