فسبحانه أمر رسولَيه ـ الملك جبرئيل الأمين والرسول (محمد) الصادق الأمين ـ باعادة تنظيم تلك الآيات المفرّقة بشكل يتفق مع ترتيب اللوح المحفوظ ، حتّى يتسنّى للنبي أن يقرأها في صلاته لو أراد أن يقرأها ، وقد قلنا بأنّ إرجاع هذه (الآيات الوقائعية) إلى أماكنها في (قرآن التلاوة) كان يحرج النبي صلىاللهعليهوآله أمام بعض الجهلة ويدعو الذين لا يعلمون في أمر التشريع كي يتّهمونه بالافتراء والكذب والعياذ بالله ، لأنّه صلىاللهعليهوآله قد كان يأتي بالناسخ قبل المنسوخ ، لأنّ الله كان يريدها كذلك في قرآن التلاوة ، في حين أنّ المنسوخ مقدّم تاريخياً وزمانياً على الناسخ وهذا مما كان يوهم الجهلة ويغيضهم بحيث كانوا يتصورون بأن الآيات يجب أن ترتب طبقا لتاريخ النزول لا بما أراده ربّ العالمين.
لا يجوز القراءة إلا بعد القرار الرباني
نعم إنّ الشارع المقدس لم يسمح بقراءة تلك الآيات ـ النازلة متفرقة في مناسبات متعددة ـ في الصلاة إلّا بعد جمعها وترتيبها في سورها (وإطارها) الخاص الذي أرده الله وجيء به من اللوح المحفوظ ، ثمّ إقرارها وإمضائها من قِبل رسول الله والملك جبرئيل في شهر رمضان من كل عام ، بأمر من ربّ العالمين على أنّها قرآن تلاوة ، لقوله تعالى : (فَإِذَا قرآناهُ فَاتَّبِعْ قرآنهُ) (١). وهذا الامضاء من قبل الله كان تاكيداً لِما أَنزل ، وتقريراً لما أُجمع ، وتوطيناً لقلوب المسلمين.
__________________
(١) سورة القيامة : ١٨.