عَلَى عِلْمِ الْعَالِمِ حِينَ صَحِبَهُ ، وَرَأَى مَا رَأَى مِنْ عِلْمِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مُوسَى مَكْرُوهاً ، وَكَانَ عِنْدَ اللهِ رِضًا وَهُوَ الْحَقُّ ، وَكَذَلِكَ عِلْمُنَا عِنْدَ الْجَهَلَةِ مَكْرُوهٌ ـ لَا يُؤْخَذُ وَهُوَ عِنْدَ اللهِ الْحَقُ (١).
٤٧ ـ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ع قَالَ إِنَّ مُوسَى صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَكَانَ مِنْبَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاقٍ (٢) فَحَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً أَعْلَمَ مِنْهُ ، فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ لَهُ : إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِيتَ ـ فَانْزِلْ فَإِنَّ فِي الْأَرْضِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَاطْلُبْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى يُوشَعَ أَنِّي قَدْ ابْتُلِيتُ فَاصْنَعْ لَنَا زَاداً وَانْطَلِقْ بِنَا ـ وَاشْتَرَى حُوتاً [مِنْ حِيتَانِ الْحَيَّةِ] فَخَرَجَ بِأَذْرِبِيجَانَ ، ثُمَّ شَوَاهُ ثُمَّ حَمَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ـ ثُمَّ انْطَلَقَا يَمْشِيَانِ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ ـ وَالنَّبِيُّ إِذَا أُمِرَ أَنْ يَذْهَبُ إِلَى مَكَانٍ (٣) لَمْ يَعْيَ أَبَداً ـ حَتَّى يَجُوزَ ذَلِكَ الْوَقْتَ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ انْتَهَيَا إِلَى شَيْخٍ مُسْتَلقٍ مَعَهُ عَصَاهُ ، مَوْضُوعَةً إِلَى جَانِبِهِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ إِذَا قَنَّعَ رَأْسَهُ (٤) خَرَجَتْ رِجْلَاهُ ـ وَإِذَا غَطَّى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ ، قَالَ : فَقَامَ مُوسَى يُصَلِّي وَقَالَ لِيُوشَعَ : احْفَظْ عَلَيَّ ـ قَالَ : فَقَطَرَتْ قَطْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ (٥) فِي الْمِكْتَلِ ـ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ ، ثُمَّ جَعَلَ يَثِبُ مِنَ الْمِكْتَلِ إِلَى الْبَحْرِ ، قَالَ : وَهُوَ قَوْلُهُ : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ طَيْرٌ فَوَقَعَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ـ ثُمَّ أَدْخَلَ مِنْقَارَهُ فَقَالَ : يَا مُوسَى مَا اتَّخَذْتَ مِنْ عِلْمِ رَبِّكَ ـ مَا حَمَلَ ظَهْرُ مِنْقَارِي مِنْ جَمِيعِ الْبَحْرِ ، قَالَ : ثُمَّ قَامَ يَمْشِي فَتَبِعَهُ يُوشَعُ.
قَالَ مُوسَى وَقَدْ نَسِيَ الزِّبِّيلَ (٦) يُوشَعُ قَالَ : وَإِنَّمَا أَعْيَا حَيْثُ جَازَ الْوَقْتَ فِيهِ (٧) فَقَالَ (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) إِلَى قَوْلِهِ (فِي الْبَحْرِ عَجَباً) قَالَ :
__________________
(١) البرهان ج ٢ : ٤٧٦. البحار ج ٥ : ٢٩٧.
(٢) مراق جمع المرقاة ـ بفتح الميم وكسرها ـ : الدّرجة.
(٣) وفي البحار هكذا «والنّبيّ إذا مرّ في مكان اه».
(٤) قنع رأسه بالشّيء : غطاه به.
(٥) وفي البرهان «الماء» بدل «السّماء».
(٦) وهو الزنبيل ويقال له المكتل أيضا وقد مرّ.
(٧) كذا في النّسخ وفي البحار هكذا «فقال موسى لما أعيا حيث جاز الوقت فيه اه».