(أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) يَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى ـ فَيَمُرُّونَ بِهِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ دَعَا عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) إِلَى قَوْلِهِ : (إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) قَالَ : فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ يَا نُوحُ (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) وَأَوْسِعْهَا وَعَجِّلْ عَمَلَهَا (بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) فَعَمِلَ نُوحٌ سَفِينَتَهُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ بِيَدِهِ ـ يَأْتِي بِالْخَشَبِ مِنْ بَعْدُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا ، قَالَ مُفَضَّلٌ : ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ع عِنْدَ ذَلِكَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، فَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَالْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِعِ دَارِ الدَّارِيِّينَ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ دَارِ ابْنِ حَكِيمٍ ، وَذَلِكَ فُرَاتٌ الْيَوْمَ ، فَقَالَ لِي : يَا مُفَضَّلُ هَاهُنَا نُصِبَتْ أَصْنَامُ قَوْمِ نُوحٍ ، يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى رَكِبَ دَابَّتَهُ فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ فِي كَمْ عَمِلَ نُوحٌ سَفِينَتَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ : فِي الدَّوْرَيْنِ ـ فَقُلْتُ : وَكَمِ الدَّوْرَانِ قَالَ : ثَمَانُونَ سَنَةً ، قُلْتُ : فَإِنَّ الْعَامَّةَ تَقُولُ : عَمِلَهَا فِي خَمْسِمِائَةِ عَامٍ قَالَ : فَقَالَ : كَلَّا كَيْفَ وَاللهُ يَقُولُ (وَوَحْيِنا) (١).
٢٠ ـ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتِ السَّفِينَةُ طُولُهَا
__________________
(١) البرهان ج ٢ : ٢٢١. البحار ج ٥ : ٩٣. الصّافي ج ١ : ٧٩٠. وقال المجلسيّ (ره) :
الظّاهر من الخبر أنّه ع فسر الوحي بالسرعة كما صرّح الجوهريّ بمجيئه بهذا المعنى وحمل المفسّرون على معناه المشهور قال الشّيخ الطّبرسيّ : معناه : وعلى ما أوحينا إليك من صفتها وحالها عن أبي مسلم وقيل المراد بوحينا : أن اصنعها «انتهى»
وقال الفيض (ره) آخر الحديث يحتمل معنيين أحدهما أن ما يكون بأمر الله وتعليمه كيف بطول زمانه إلى هذه المدّة والثّاني : أن يكون قد فسّر الوحي هنا بالسرعة والعجلة فإنّه جاء بهذا المعنى يقال الوحا الوحا ممدودا ومقصورا يعني البدار البدار وو المعنى الثّاني أتمّ في الاستشهاد.
وقال في الوافي بعد بيان معنى الحديث كما هنا «إلى قوله» أتمّ قال : وأصوب بل يكاد يتعيّن لما مرّ في هذا الحديث من قوله ع : فأوحى الله إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجّل عملها.