٤٥ ـ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ع قَالَ لَمَّا أَظَلَّ قَوْمَ يُونُسَ الْعَذَابُ دَعَوُا اللهَ فَصَرَفَهُ عَنْهُمْ ، قُلْتُ : كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ : كَانَ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ عَنْهُمْ (١).
٤٦ ـ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ إِنَّ يُونُسَ لَمَّا آذَاهُ قَوْمُهُ دَعَا اللهَ عَلَيْهِمْ فَأَصْبَحُوا أَوَّلَ يَوْمٍ وَوُجُوهُهُمْ صَفِرَةٌ ـ وَأَصْبَحُوا الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَوُجُوهُهُمْ سُودٌ ، قَالَ : وَكَانَ اللهُ وَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ ـ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ حَتَّى نَالُوهُ بِرِمَاحِهِمْ ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَأَوْلَادِهِنَّ ـ وَالْبَقَرِ وَأَوْلَادِهَا ـ وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ وَالصُّوفَ (٢) وَوَضَعُوا الْحِبَالَ فِي أَعْنَاقِهِمْ ـ وَالرَّمَادَ عَلَى رُءُوسِهِمْ ـ وَضَجُّوا ضَجَّةً وَاحِدَةً إِلَى رَبِّهِمْ ، وَقَالُوا آمَنَّا بِإِلَهِ يُونُسَ ، قَالَ : فَصَرَفَ اللهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى جِبَالِ آمِدَ (٣) قَالَ : وَأَصْبَحَ يُونُسُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ هَلَكُوا ـ فَوَجَدَهُمْ فِي عَافِيَةٍ ، فَغَضِبَ ـ وَخَرَجَ كَمَا قَالَ اللهُ : (مُغاضِباً) حَتَّى رَكِبَ سَفِينَةً فِيهَا رَجُلَانِ ، فَاضْطَرَبَتِ السَّفِينَةُ فَقَالَ الْمَلَّاحُ : يَا قَوْمِ فِي سَفِينَتِي مَطْلُوبٌ ، فَقَالَ يُونُسُ : أَنَا هُوَ ، وَقَامَ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ فَأَبْصَرَ السَّمَكَةَ ـ وَقَدْ فَتَحَتْ فَاهَا فَهَابَهَا ، وَتَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلَانِ ، وَقَالا لَهُ : أَنْتَ وَحْدَكَ وَنَحْنُ رَجُلَانِ ـ فَسَاهَمَهُمْ فَوَقَعَتِ السِّهَامُ عَلَيْهِ ، فَجَرَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ السِّهَامَ إِذَا كَانَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّهَا لَا يَخْطَأُ ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ ـ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ السَّبْعَةَ حَتَّى صَارَ إِلَى الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَبِهِ يُعَذَّبُ قَارُونُ ، فَسَمِعَ قَارُونُ دَوِيّاً (٤) فَسَأَلَ الْمَلَكَ عَنْ ذَلِكَ ـ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُونُسُ ، وَأَنَّ اللهَ قَدْ حَبَسَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ـ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ : أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُكَلِّمَهُ ـ فَأَذِنَ لَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ مُوسَى فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ وَبَكَا ـ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ هَارُونَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَاتَ (٥) فَبَكَا وَجَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً ـ وَسَأَلَهُ عَنْ أُخْتِهِ كُلْثُمَ وَكَانَتْ مُسَمَّاةً
__________________
(١) البحار ج ٥ : ٤٢٤. البرهان ج ٢ : ٢٠٢.
(٢) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ : الكساء من شعر كثوب الرّهبان.
(٣) قال الحموي : آمد ـ بكسر الميم ـ : أعظم ديار بكر.
(٤) الدّويّ : الحفيف وقد مرّ معناه آنفا فراجع.
(٥) وفي نسخة البرهان هكذا «فقال يا يونس : فما فعل الشّديد الغضب لله موسى بن عمران فأخبره أنّه مات ، قال : فما فعل الرّءوف العطوف على قومه هارون بن عمران فأخبره أنّه مات».