يُونُسَ فَقَالَ : أُنْزِلَ الْوَحْيُ وَالْأَمْرُ مِنْ اللهِ فِيهِمْ ـ عَلَى مَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ فِيهِمْ ـ مِنْ إِنْزَالِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ ، أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهَلَكَ قَوْمُكَ كُلُّهُمْ ـ وَخَرِبَتْ قَرْيَتُهُمْ ـ أَلَيْسَ يَمْحُو اللهُ اسْمُكَ مِنَ النُّبُوَّةِ ـ وَتَبْطُلُ رِسَالَتُكَ وَتَكُونُ كَبَعْضِ ضُعَفَاءِ النَّاسِ ، وَيَهْلِكُ عَلَى يَدَيْكَ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ مِنَ النَّاسِ ، فَأَبَى يُونُسَ أَنْ يَقْبَلَ وَصِيَّتَهُ فَانْطَلَقَ وَمَعَهُ تَنُّوخَا مِنَ الْقَرْيَةِ ـ وَتَنَحَّيَا عَنْهُمْ غَيْرَ بَعِيدٍ ، وَرَجَعَ يُونُسُ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنَّهُ مُنْزِلُ الْعَذَابِ (١) عَلَيْكُمْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِي شَوَّالٍ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَكَذَّبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قَرْيَتِهُمْ إِخْرَاجاً عَنِيفاً (٢).
فَخَرَجَ يُونُسُ وَمَعَهُ تَنُّوخَا مِنَ الْقَرْيَةِ ـ وَتَنَحَّيَا عَنْهُمْ غَيْرَ بَعِيدٍ ـ وَأَقَامَا يَنْتَظِرَانِ الْعَذَابَ ، وَأَقَامَ رُوبِيلُ مَعَ قَوْمِهِ فِي قَرْيَتِهِمْ ـ حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ شَوَّالٌ صَرَخَ رُوبِيلُ (٣) بِأَعْلَى صَوْتِهِ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ إِلَى الْقَوْمِ ـ أَنَا رُوبِيلُ شَفِيقٌ عَلَيْكُمْ الرَّحِيمُ بِكُمْ [إِلَى رَبِّهِ قَدْ أَنْكَرْتُمْ عَذَابَ اللهِ] هَذَا شَوَّالٌ قَدْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ ـ وَقَدْ أَخْبَرَكُمْ يُونُسُ نَبِيُّكُمْ وَرَسُولُ رَبِّكُمْ ـ أَنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنَّ الْعَذَابَ يَنْزِلُ عَلَيْكُمْ ـ فِي شَوَّالٍ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، (وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) رُسُلَهُ ، فَانْظُرُوا مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ ـ فَأَفْزَعَهُمْ كَلَامُهُ وَوَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ تَحْقِيقُ نُزُولِ الْعَذَابِ ، فَأَجْفَلُوا نَحْوَ رُوبِيلَ (٤) وَقَالُوا لَهُ : مَا ذَا أَنْتَ مُشِيرٌ بِهِ عَلَيْنَا يَا رُوبِيلُ فَإِنَّكَ رَجُلٌ عَالِمٌ حَكِيمٌ ـ لَمْ نَزَلْ نَعْرِفُكَ بِالرِّقَّةِ [الرَّأْفَةِ] عَلَيْنَا وَالرَّحْمَةِ لَنَا ، وَقَدْ بَلَغَنَا مَا أَشَرْتَ بِهِ عَلَى يُونُسَ فِينَا : فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ وَأَشِرْ عَلَيْنَا بِرَأْيِكَ ، فَقَالَ لَهُمْ رُوبِيلُ : فَإِنِّي أَرَى لَكُمْ وَأُشِيرُ عَلَيْكُمْ ـ أَنْ تَنْظُرُوا وَتَعَمَّدُوا إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ـ أَنْ تَعْزِلُوا الْأَطْفَالَ عَنِ الْأُمَّهَاتِ ـ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ فِي طَرِيقِ الْأَوْدِيَةِ ، وَتَقِفُوا النِّسَاءَ فِي سَفْحِ
__________________
(١) وفي نسخة البرهان «إنّي منزل اه» وفي البحار «أنّه ينزل اه».
(٢) العنف ضدّ الرّفق والعنيف : الشّديد من القول والسّير.
(٣) صرخ صراخا : صاح شديدا.
(٤) أيْ أسرعوا نحوه بالذهاب.