عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى ـ وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ـ مَا قَوْلُ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ : مِنْهُمُ الْمَسْرُورُ ، وَالْمَحْسُودُ فِيمَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ ـ وَأُولَئِكَ أَغَشُّ النَّاسِ لَكَ ، فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتَ ، قَالَ : وَمِنْهُمْ الْكَاسِفُ الْعَاسِفُ لِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ ـ وَأُولَئِكَ نُصَحَاءُ النَّاسِ لَكَ ، فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتَ ـ جَعَلَ اللهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ ـ وَلَكِنْ لَا يَدَعُ عَلَى الْعَبْدِ ذَنْباً إِلَّا حَطَّهُ ، وَإِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ ، فَإِنَّ اللهَ لَيُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ جَمّاً مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ (١).
١٠٠ ـ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ زُرَارَةَ وَحُمْرَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ ع قَالَ إِنَّ اللهَ احْتَجَّ عَلَى الْعِبَادِ بِالَّذِي آتَاهُمْ وَعَرَّفَهُمْ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً فَأَمَرَ فِيهِ وَنَهَى ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ص بِالصَّلَاةِ فَنَامَ عَنْهَا فَقَالَ : أَنَا أَنَمْتُكَ وَأَنَا أَيْقَظْتُكَ ، فَإِذَا قُمْتَ فَصَلِّهِ لِيَعْلَمُوا إِذَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا نَامَ عَنْهَا هَلَكَ ، وَكَذَلِكَ الصَّائِمُ أَنَا أَمْرَضْتُكَ وَأَنَا أَصْحَحْتُكَ ، فَإِذَا شَفَيْتُكَ فَاقْضِهِ ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَظَرْتَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ ـ لَمْ تَجِدْ أَحَداً فِي ضِيقٍ ، وَلَمْ تَجِدْ إِلَّا وَلِلَّهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَلَهُ فِيهِ الْمَشِيَّةُ ، قَالَ : فَلَا يَقُولُونَ إِنَّهُ مَا شَاءُوا صَنَعُوا وَمَا شَاءُوا لَمْ يَصْنَعُوا ، وَقَالَ : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وَمَا أَمَرَ الْعِبَادُ إِلَّا يَرَوْنَ سَعْيُهُمْ ، وَكُلُّ شَيْءٍ أُمِرَ النَّاسُ فَأَخَذُوا بِهِ فَهُمْ مُوَسَّعُونَ لَهُ ، وَمَا يَمْنَعُونَ لَهُ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَا خَيْرَ فِيهِمْ ـ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى ـ وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) قَالَ : وَضَعَ عَنْهُمْ (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ـ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ـ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً ـ أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) قَالَ : وَضَعَ عَنْهُمْ إِذْ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ ، وَقَالَ (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ) إِلَى قَوْلِهِ : (لا يَعْلَمُونَ) قَالَ وَضَعَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ يُطِيقُونَ ، (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ ـ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) فَجَعَلَ
__________________
(١) البحار ج ٨ : ٥٣٠. البرهان ج ٢ : ١٥٠.