نافع بن الأزرق ، فقال له : يا ابن عباس تفتي الناس في النملة والقمّلة ، صف لي إلهك الذي تعبد؟! فأطرق ابن عباس إعظاما لقوله ، وكان الحسين بن علي جالسا ناحية فقال : «إليّ يا ابن الأزرق» ، قال ابن الأزرق : لست إيّاك أسأل. قال ابن عباس : يا ابن الأزرق، إنّه من أهل بيت النبوة وهم ورثة العلم ، فأقبل نافع نحو الحسين ، فقال له الحسين : «يا نافع إنّ من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس ، سائلا ناكبا عن المنهاج، ظاعنا بالاعوجاج ، ضالا عن السبيل ، قائلا غير الجميل.
يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه ، وأعرّفه بما عرّف به نفسه : لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتصق ، وبعيد غير منقص ، يوحّد ولا يتبعّض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إله إلّا هو الكبير المتعال».
فبكى ابن الأزرق ، وقال : يا حسين ما أحسن كلامك! قال له الحسين : «بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعليّ؟» قال ابن الأزرق : أما والله يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الأحكام ، فقال له الحسين : «إني سائلك عن مسألة» ، قال : اسأل ، فسأله عن هذه الآية : (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) (١).
يا ابن الأزرق من حفظ في الغلامين؟» قال ابن الأزرق : أبوهما. قال الحسين : «فأبوهما خير أم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟» قال ابن الأزرق : قد أنبأنا الله تعالى أنّكم قوم خصمون (٢).
__________________
(١) الكهف : ٨٢.
(٢) ابن عساكر : تاريخ مدينة دمشق ، قسم حياة الإمام الحسين : ١٥٨ ، تحقيق محمد باقر المحمودي ؛ والمجلسي : بحار الأنوار : ٤ / ٢٩٧ (وذيل الحديث يحتاج إلى توضيح).