أهل الفسطاط أحدا. وقد رأيته وأنا حديث ، فحدّثني ابنه إسحاق قال : ما كنت أرى أبي يجلس في البيت على طنفسة. ما كان يجلس إلّا على حصير. وكان طويل الحزن. وأحيانا تطيب نفسه فيفرح ، فربّما جاء الرجل يسأله المسألة فيعلّمه ويرجع إلى حاله ويتغيّر ، ويقول : ما لي ولهذا.
فنقول له : أفتصرفه؟ فيقول : أو يحلّ لي ، أو يحلّ لي؟
وربّما جاءه الأحداث يطلبون منه الحديث ، فيقول لهم : تعلّموا الورع (١).
قرأت على أحمد بن هبة الله ، عن عبد المعزّ بن محمد : أنا محمد بن إسماعيل ، أنا محلم بن إسماعيل ، أنا الخليل بن أحمد السّجزيّ ، نا محمد بن إسحاق السّرّاج ، نا قتيبة بن سعيد ، نا بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن يزيد مولى سلمة ، عن سلمة بن الأكوع قال : «لمّا نزلت هذه الآية : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (٢) ، كان من أراد منّا أن يفطر ويفتدي ، حتّى نزلت هذه الآية التي بعدها فنسختها ، أخرجه البخاريّ (٣) ، ومسلم (٤) ، وأبو داود (٥) ، والتّرمذيّ (٦) ، والنّسائيّ (٧) ، خمستهم عن قتيبة ، فوافقناهم بعلوّ درجة.
مات بكر في يوم عرفة سنة أربع وسبعين ومائة (٨).
__________________
(١) الخبر بنصّه في «سير أعلام النبلاء» ٨ / ١٧٥.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٨٤.
(٣) في تفسير سورة البقرة ٨ / ١٣٦.
(٤) في الصيام (١١٤٥) باب بيان قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ).
(٥) برقم (٢٣١٥).
(٦) برقم (٧٩٧٨).
(٧) في الجزء ٤ / ١٩٠.
(٨) ورّخه البخاري ، وابن حبّان ، وغيرهما.