سورة الكافرون
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦))
وفيها قولان : أحدهما : أنها مكّيّة ، قاله ابن مسعود ، والحسن ، والجمهور. والثاني : مدنيّة ، روي عن قتادة. ذكر سبب نزولها : اختلفوا على ثلاثة أقوال (١) :
(١٥٧٥) أحدها : أنّ رهطا من قريش منهم الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد يغوث لقوا العباس بن عبد المطّلب ، فقالوا : يا أبا الفضل : لو أنّ ابن أخيك أسلم بعض آلهتنا لصدّقناه بما يقول ولآمنّا بإلهه ، فأتاه العبّاس فأخبره فنزلت هذه السورة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
(١٥٧٦) والثاني : أنّ عتبة بن ربيعة ، وأميّة بن خلف لقيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالا يا محمّد : لا ندعك حتى تتبع ديننا ، ونتبع دينك ، فإن كان أمرنا رشدا كنت قد أخذت بحظّك منه ، وإن كان أمرك رشدا كنّا قد أخذنا بحظّنا منه ، فنزلت هذه السّورة ، قاله عبيد بن عمير.
(١٥٧٧) والثالث : أنّ قريشا قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : إن سرّك أن نتبع دينك عاما ، وترجع إلى ديننا عاما ، فنزلت هذه السورة ، قاله وهب. قال مقاتل في آخرين : نزلت هذه السورة في أبي جهل وفي المستهزئين ، ولم يؤمن من الذين نزلت فيهم أحد. وأما قوله عزوجل : (لا أَعْبُدُ) فهو في موضع
____________________________________
(١٥٧٥) عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس ، وأبو صالح ليس بثقة ، روى الكلبي وأبو صالح عن ابن عباس تفسير ليس له أصل عنه. راجع ترجمتهما في «الميزان». وانظر ما بعده.
(١٥٧٦) عزاه المصنف لعبيد بن عمير ، وهو تابعي ، فهو مرسل. وأخرجه الطبري ٣٨٢٢٦ عن ابن إسحاق عن سعيد بن مينا به ، وهذا مرسل. ويشهد له ما بعده.
(١٥٧٧) مرسل. أخرجه عبد الرزاق ٣٧٢٧ عن وهب بن منبه مرسلا. ويشهد له ما قبله.
__________________
(١) قال ابن كثير رحمهالله في «تفسيره» ٤ / ٦٧٥ : هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون وهي آمرة بالإخلاص فيه ، فقوله : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) يشمل كل كافر على وجه الأرض ولكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفار قريش. وقيل إنهم من جهلهم دعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عبادة أوثانهم سنة ، ويعبدون معبوده سنة ، فأنزل الله هذه السورة ، وأمر رسوله صلىاللهعليهوسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية.