يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨))
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى) من الضّلالة ، يعني التّوراة (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) بعد موسى ، وهو التّوراة أيضا في قول الأكثرين ، وقال ابن السّائب : التّوراة والإنجيل والزّبور ، والذّكرى بمعنى التّذكير. (فَاصْبِرْ) على أذاهم (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) في نصرك ، وهذه الآية في هذه السّورة في موضعين (١) ، وقد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف. ومعنى «سبّح» : صلّ. وفي المراد بصلاة العشيّ والإبكار ثلاثة أقوال : أحدها : أنها الصّلوات الخمس ، قاله ابن عباس. والثاني : صلاة الغداة وصلاة العصر ، قاله قتادة. والثالث : أنها صلاة كانت قبل أن تفرض الصّلوات ، ركعتان غدوة ، وركعتان عشيّة ، قاله الحسن.
وما بعد هذا قد تقدّم آنفا (٢) إلى قوله : (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) الآية ، نزلت في قريش ؛ والمعنى : ما يحملهم على تكذيبك إلّا ما في صدورهم من التكبّر عليك ، وما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر ، لأنّ الله تعالى مذلّهم ، (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شرّهم ؛ ثمّ نبّه على قدرته بقوله : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) أي : من إعادتهم ، وذلك لكثرة أجزائها وعظم جرمها ، فنبّههم على قدرته على إعادة الخلق. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يعني الكفّار حين لا يستدلّون بذلك على
__________________
(١) غافر : ٥٥ ، ٧٧.
(٢) غافر : ٤.