يسرّه القلب من أمانة أو خيانة ، حكاه الماوردي.
(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥))
قوله تعالى : (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) أي : يحكم به فيجزي بالحسنة والسيئة. (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) من الآلهة. وقرأ نافع ، وابن عامر : «تدعون» بالتاء ، على معنى : قل لهم : (لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) أي : لا يحكمون بشيء ولا يجازون به ؛ وقد نبّه الله عزوجل بهذا على أنه حيّ ، لأنه إنّما يأمر ويقضي من كان حيّا ، وأيّد ذلك بذكر السّمع والبصر ، لأنهما إنما يثبتان لحيّ ، قاله أبو سليمان الدّمشقي. وما بعد هذا قد تقدّم بعضه (١). وبعضه ظاهر إلى قوله تعالى : (كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) وقرأ ابن عامر : «أشدّ منكم» بالكاف ، وكذلك هو في مصاحفهم ، وهو على الانصراف من الغيبة إلى الخطاب ، (وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ) أي : من عذاب الله (مِنْ واقٍ) يقي العذاب عنهم. (ذلِكَ) أي : ذلك العذاب الذي نزل بهم (بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ...) إلى آخر الآية. ثم ذكر قصة موسى وفرعون ليعتبروا. وأراد بقوله تعالى : (اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أعيدوا القتل عليهم كما كان أوّلا ، قاله ابن عباس. وقال قتادة : كان فرعون قد كفّ عن قتل الولدان ، فلمّا بعث الله موسى ، أعاد عليهم القتل ليصدّهم بذلك عن متابعة موسى. قوله تعالى : (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي : إنه يذهب باطلا ويحيق بهم ما يريده الله عزوجل.
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧) وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (٢٩) وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ
__________________
(١) يوسف : ١٠٩.